المديرالمؤسس المدير
الجنس : عدد المساهمات : 207 نقاط : 5563 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 30/12/2010 العمر : 52 الموقع : اليمن - إب - تـ (777464255)(714055861)
| موضوع: تيسير بعض أحكام البيوع والمعاملات المالية المعاصرة الأربعاء 30 نوفمبر 2011 - 2:43 | |
|
تيسير بعض أحكام البيوع والمعاملات المالية المعاصرة
بقلم : حامد بن عبد الله العلي
الطبعة الأولى
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي أحل البيع وحرم الربا ، والصلاة والسلام على النبي القائل ( كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى ) و( من عصاني فقد أبى ) وبعد : فقد ألقيت مجموعة محاضرات في دورة عن أحكام البيوع والمعاملات المالية المعاصرة ، نظمتها وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية مشكورة ، وحضرها مجموعة من طلبة العلم ، تخرج منهم خمسون طالبا ، ووزعت الجمعية التعاونية جزى الله القائمين عليها كل خير ، جوائز على المتفوقين فيها ، وقد ألحوا علي أن أراجعها وأطبعها وأنشرها ليعم النفع ، فتعذرت بكثرة الأشغال ، فما زادهم ذلك إلا إلحاحا وإصرارا ، فاستجبت لهم ، وراجعتها ، وأعددتها للطباعة ، وها هي تودع في الموقع أولا ، ريثما تنتهي من المطبعة بتوفيق الله تعالى . وقد تضمنت المحاضرات : أولا : مقدمة عن خصائص الاقتصاد الإسلامي ، ثانيا : أسباب تحريم البيوع في الشريعة ، ثالثا : شروط البيع ، رابعا : الشروط في البيع ، خامسا : الخيار ، سادسا : الربا ، سابعا : الشركات ، ثامنا : البنوك الإسلامية ، تاسعا : أحكام بعض العقود والبيوع المعاصرة . كل ذلك بأسلوب سهل ميسر ، مقرب إلى الفهم ، ولهذا أسميت هذه الرسالة الصغيرة ، تيسير بعض أحكام البيوع والمعاملات المالية المعاصرة ، والله تعالى أسأل أن يجعل عملي خالصا لوجهه الكريم ، لينفعني يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم آمين وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
حامد بن عبد الله العلي السادس من ربيع الأول 1423هـ
أولا : أهم خصائص الاقتصاد الإسلامي
أولا – الانطلاق من العقيدة . وهذه أهم خصائص الاقتصاد الإسلامي ، ولو نزعت منه هذه الخاصية لم ينجح ، وننوه هنا إلى أن الإيمان هو الاسم الوارد في الكتاب و السنة ، بدل كلمة العقيدة ، وذلك لدلالته على الهدف الأسمى من الإيمان وهو الأمن ، فلفظ الإيمان يطوي تحته هذا المعنى العظيم ، كما قال تعالى الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون )، ولهذا فاستعمال هذا اللفظ بدل العقيدة ، أولى وأفضل ، فالإيمان كلمة خفيفة على النفس وحروفها سهلة ، وتشعر النفس بانجذاب نحوها ، كما أنها تدل أيضا على الانقياد ، بمعنى أن الله تعالى يريد بالإيمان التصديق الذي يتبعه انقياد ، وكلمة الإيمان تدل على هذا المعنى ، ذلك أن معناها ليس التصديق ، وإنما تصديق مع انقياد . &&& ومما يدل على ارتباط الاقتصاد بالإيمان : قوله تعالى ( ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ولكن كذبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون ) ) . ففي هذه الآية الكريمة ، بيان أن الإيمان والتقوى أهم أسباب الازدهار في الاقتصاد الإسلامي ، وهما سبب للبركات والرفاه ، كما يقول الاقتصاديون ، أن هدف الاقتصاد هو تحقيق مجتمع الرفاهية . فالله تعالى يقول في هذه الآية ، إذا أردتم اقتصادا سليما ، يحقق الرفاهية ، فعليكم بتقوى الله عز وجل والإيمان . &&&كما يدل على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم ( لا يزيد في العمر إلا البر ولا يرد القدر إلا الدعاء وإن الرجل ليحرم الرزق بالذنب يصيبه)) رواه ابن ماجه ، وفي هذا تأكيد للعلاقة بين الإيمان والاقتصاد الإسلامي . &&& ومن الأمثلة على ذلك أيضا ، أعني تأثير تقوى الله تعالى في الاقتصاد ، قله صلى الله عليه وسلم من باع دارا ، ثم لم يجعل ثمنها في مثلها ، لم يبارك له فيها ) رواه الضياء المقدسي والطيالسي والبيهقي عن حذيفة رضي الله عنه . فهذا ـ كما هو واضح ـ لا علاقة له بالأمور المادية ، ولكن علاقته بالأمور الإيمانية ، ومن أمثلة ذلك ما نسمعه عن الذين دخلوا البورصة بأثمان بيعهم لبيوتهم ، ثم خسروا وانكسروا ، فهذا البعد ، بعد إيماني غيبي لم ينبه عليه إلا في الاقتصاد الإسلامي ، ولايعترف به الاقتصاد الملحد الذي لايبني الاقتصاد على الإيمان بالله تعالى ، الممحوق البركة ، الذي ملأ العالم جشعا وفسادا . &&&ومن الأمثلة أيضا : قوله صلى الله عليه وســــم ((ما نقصت صدقة من مال ، وما زاد الله عبدا بعفو إلا عزا ، وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله )) رواه مسلم من حديث أبي هريرة ، فهذا المعيار خاص في الاقتصاد الإسلامي ، وفيه يبين النبي صلى الله عليه وسلم أن الزيادة والنقصان للمال ، تؤثر فيهما الصدقة على الفقراء ابتغاء وجه الله تعالى ، ولذلك من جهتين : أحدهما : أن الله تعالى يدفع عن المسلم من البلاء والمصائب ، بسبب الصدقة ، بما لو لم يتصدق لاجتاحت ماله وهـو لا يـدري . الثانية : أن الله تعالى يجعل في المال القليل نفعا أكثر من المال الكثير .
*** ثانيا : أن الاقتصاد الإسلامي ، اقتصاد مستقل قائم على الوحي ، فليس هو حصيلة أفكار مرقعة شرقية وغربية ، ولا مصدره من بشر قد يبدلون ، ويغيرون أفكارهم فهم معرضون للصواب والخطأ . وهذه أهم خصائص الإسلام بشكل عام ، فإنه لا يعتمد إلا على الوحي ، فهو نظام مستقل قائم بذاته مصدره الوحي الإلهي . وفي الإسلام ، كل النظريات الأخرى في الاقتصاد وغيره ، إنما تقاس على الوحي ، فما عارض الوحي منها ردّ ، فالمعيار المطلق هو موافقة الوحي فحسب ، والواقع هو موضع الحكم ، وليس مصدر الحكم . بينما في الاقتصاد الرأسمالي مثلا ، المعيار هو النفعية ، كما أن الواقع هو موضع الحكم وليس مصدره . ذلك أن العلمانية هي وعاء الاقتصاد الرأسمالي ، وهي مبينة على أساس أن الواقع القائم على الفائدة النفعية هو مصدر الحكم . وأسس العلمانية الثلاث التي تقوم عليها هي : المادة والنفعية واللذة ، يقابلها عندنا الإيمان بالله تعالى والرسول والسعادة الأخروية . كما قال شيخ الإسلام ابن تيميه :" الأصول الثلاثة التي اتفق عليها الرسل هي الإيمان بالله والرسل والمعاد " . ومن هنا فنحن ننبه إلى أن بعض البنوك الإسلامية بدأت تتأثر بالرأسمالية ، من حيث لا تشعر ، وذلك من جهة الحرص على المنفعة وجعلها مصدر الحكم أحيانا ، تحت غطاء من حيل . &&& ومن الأمثلة أن الفكرة في أرباح البنك الإسلامي مبنية على المضاربة ، حيث يدخل السوق ويوفر فرص العمل وينوع السلع وينافس بالأسعار ويحرك الاقتصاد ويضخ إلى السوق النقد والبضائع ، ويحرك الدورة الاقتصادية ، فيأخذ أموال الجماعة ويوظفها في مصلحة الجماعة ، وهذا يحتاج إلى إيمان وصبر ، وبه يتحقق الخير العام للمجتمع . ولكن للأسف ، فقد استبطأت بعض البنوك الإسلامية هذه العملية ، ولهذا لجأت إلى حيل توفر عليها الجهد ، وتعجل الفائدة ، مثل توسيع الأمر في نظام المرابحة ، وقد وسعت ببعض البنوك الإسلامية أرباحها من هذا المصدر ، لأنها وجدته أسهل وأسرع في تحصيل الربح المضمون ، ذلك أنها جعلت نظام البيع بالمرابحة ، ما هو إلا جعل البنك الإسلامي نفسه وسيطا بين البائع أو التاجر والعميل ، فهو لا يحتاج إلا إلى أوراق وطاولة وموظف ، يعرف الزبون أن يوقع على الوعد بالشراء ، ثم يتصل البنك الإسلامي بالشركة التي تبيع السلعة ، وبالهاتف يقول للبائع هناك اشترينا منك السلعة الفلانية ، قل : بعت ، فيقول البائع هناك بعت ، ثم يوقع الزبون عند البنك الإسلامي ، على عقد البيع ، ويعطي البنك الإسلامي ثمن السلعة نقدا ، ويقاسط الزبون بالفوائد ، هكذا دون أي عناء ، سوى توقيع واتصال هاتفي فقط ، ويسمون هذا بيعا شريعا ، ومضاربة شرعيا للأسف . وأنت إذا تأملت في هذه العملية وجدت أن البنك الإسلامي ، لم ينفع أحدا إلا نفسه ، ولم يزد شيئا في السوق ، ولم يقم بأي دور في الاقتصاد العام للمجتمع ، وإنما حمل الزبون دينا مع زيادة الفوائـــد ، وهي نفس فكرة المرابي الذي يقول : أنا لا أريد أن أعمل ، إنما أجلس وأعطي نقودا ، وآخذ نقودا زيادة ، فلا أدخل السوق ولا أوفر فرصا للعمل ، وهو أسلوب سهل لكسب المال دون تعب ، ولكنه يؤدي إلى تكديس الأموال بيد المرابي ، وتكديس الديون على الناس . والمرابحة بالطريقة توسعوا فيها ، قد ظهرت صورتها النهائية ، نفس صورة العملية الربوية ، ونتائجها هي نفس نتائجها ، وهي جعل المجتمع مدينا ، وجعل البنك هو الدائن العام لأفراد المجتمع ولا حول ولا قوة إلا بالله .
*** ثالثا : الاقتصاد الإسلامي ، يعتمد على القاعدة الفقهية التي تقول : إن الأصل في المعاملات الإباحة ، انطلاقا من القاعدة الشرعية ( أن الشريعة مبنية على التيسير ورفع الحرج ) فكل ما لم يرد نصح في تحريمه فهو مباح ، يقول تعالى (( ما جعل عليكم في الدين من حرج )) .
***رابعا : كما أن الاقتصاد الإسلامي ، لا يحرم ولا يبيح إلا درءا لمفسدة أو جلبا لمصلحة عامة أو خاصة . ثانيا : أسباب تحريم البيوع في الاقتصاد الإسلامي
جمع العلماء أسباب تحريم عقود البيوع في الاقتصاد الإسلامي ، فأرجعوها إلى ما يلي :
*** السبب الأول : كون المعقود عليه محرما أو نجسا ، و القاعدة العامة هنا أن كل أمر حرمه الله تعالى ، فقد حرم ثمنه ، ومن الأمثلة على ذلك تحريم بيع الكلب والدم والأصنام ومهر البغي وحلوان الكاهن ، وعن جابر رضي الله عنه : ( أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن الله حرم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام فقيل يا رسول الله أرايت شحوم الميتة فإنه يطلى بها السفن ويدهن بها الجلود ويستصبح بها الناس فقال هو حرام ، ثم قال صلى الله عليه وسلم : عند ذلك قاتل الله اليهود إن الله لما حرم شحومها جملوه ثم باعوه فأكلوا ثمنه ) رواه الجماعة . وعن أبي جحيفة قال : ( إن رسول الله صلى الله عليه وسلم حرم ثمن الدم وثمن الكلب ، وكسب البغي ، ولعن الواشمة والمستوشمة وآكل الربا وموكله ولعن المصورين ) متفق عليه . و يدخل في هذا أيضا تحريم بيع ( المعزة الشامية ) وهي عادة انتشرت عندنا مؤخرا في الخليج ، يفعلها أهل الترف والتبذير والإسراف ، وهي نوع من ولع النفس بالباطل ، مثل اللعب في الحمام ، وقد يصل أحيانا سعر التيس إلى مليون ريال ، فمثل هذا سفه وإسراف محرم ، والرجل إذا كان يشتري بهيمة بمثل هذا المبلغ الكبير لمجرد التباهي والتفاخر فهو سفيه يجب الحجر عليه .
***السبب الثاني : أن يكون العقد ذريعة للوقوع في الحرام ، مثل البيع وقت صلاة الجمعة ، وبيع السلاح زمن الفتنة ، وبيع الخمر لمن يتخذه خمرا ، ... إلى آخره .
*** السبب الثالث : أن يكون العقد يشتمل على غرر مثل القمار والميسر . &&& ومن الأمثلة المعاصرة عقد التأمين ، ومن هذا بيع مالا يقدر البائع على تسليمه مثل بيع السمك في الماء والطير في الهواء . &&& ويدخل في هذا بيع الملامسة ، الذي ورد النهي عنه ، وهو أن يتبايعان الثوب باللمس من الظاهر دون نشره ومعرفة ما فيه . &&& وبيع المنابذة الذي ورد النهي عنه أيضا ، وهو أن يقول ألق إلي ما معك وألقي إليك مع معي ويكون بيعا . &&& وبيع المحا قلة هو بيع الطعام في سنبله . &&& وبيع حبل الحبلة وهو أن يبيع لحم الجزور بثمن مؤجل إلى أن يلد ولد الناقة. &&& وبيع المخاضرة ، وهو أن يبيع الثمار وهي مخضرة لم تبين صلاحها بعد. &&& وبيع المعاومة بيع الشجر أعواما كثيرة . وقد حرمت هذه الأنواع ، وورد النهي عنها كلها ، لما فيها من الغرر والجهالة ، فعاقبتها مجهولة ، ومن أجل ذلك حرمتها الشريعة . &&& ومن الأمثلة المعاصرة أيضا لدينا ، بيع اللؤلؤ في المحار ، وصورته أن يشتري الرجل كيسا كبيرا مليئا بالمحار ، راجيا أن يصيب اللؤلؤ فيه ، فإن لم يجد شيئا خسر ماله ، وقد يجد محارة فيها لؤلؤة ، قيمتها أضعاف عشرة أكياس.
*** السبب الرابع : أن يكون العقد مشتملا على الضرر ، ومن الأمثلة الاحتكار ، الغش ، بيع المسلم على بيع أخيه ، النجش ، بيع حاضر لباد ، تلقي الركبان ... إلى آخره . ومعنى النجش ان يزيد في السلعة من لا يريد شراءها ليخدع من يريد ، ويكون ذلك في بيع المزاد . وأما بيع حاضر لباد فقد ورد حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال ( نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يبيع حاضر لباد ) رواه البخاري ومسلم ومعناه أن يأتي من يسكن البادية إلى المدينة يريد أن يبيع السلعة بسعر الوقت ، فيقول له الحاضر ، دعها عندي وأبيعها لك على التدريج بأغلى ، فيكون في ذلك ضرر على الناس . وأما تلقي الركبان ، وورد أيضا ( تلقي الجلب ) أو ( تلقي البيوع ) فقد ورد فيه حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلـــم : ( لاتلقوا الركبان ) متفق عليه . ومعناه النهي عن تلقي من يجلب البضائع إلى البلد من خارجها ، بل يترك حتى يهبط السوق ، ويعرف الأسعار فينتفع هو ، وينفع الناس ، ولا يجوز أن يتدخل بعض التجار ، فيتلقون الجالبين للسلع ، خارج البلدة ، ثم يشترون منهم ، فيضرونهم من جهة أن الجالبين لا يعرفون سعر السوق ، ويضرون الناس من جهة أنهم يتدخلون في السعر ، فيرفعونه لصالحهم .
*** السبب الخامس : أن يشتمل العقد على ما يجب بذله ولا يجوز للمسلم المعاوضة عليه ، مثل بيع الماء حيث يشترك الناس فيه ، والكلأ ، والنار كذلك ، وعسب الفحل أي إعارة الفحل للتلقيح مقابل عرض ، وكل ما ورد النهي عن بيعه لانه يجب بذله ، فلا يجوز أن يعقد عليه عقد البيع . ومن الأمثلة على هذا أن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله سئل عن قوم ينقلون النحل من بلد إلى بلد ، فهل يحل لاهل البلد أن يأخذوا منهم أجرة ما جنته النحل عندهم ؟؟ فأجاب : (( الحمد لله ، لاحق على أهل النحل لاهل الأرض التي يجنى منها ، فإن ذلك لا ينقص من ملكهم شيئا ، ولكن العسل من الطلول التي هي من المباحان ... وهذه الطلول هي أحق بالذل من الكلأ ، فإن هذه الطلول لايمكن أن يجمعها إلا النحل ، ولكن إذا كان لصاحب الأرض فنحله أحق بالحناء في أرضه ، فإذا كان جنى تلك النحل تضربـــه ، فله المنع من ذلك ، والله أعلم ) مجموع الفتاوى 29/220
*** السبب السادس : أن يشتمل البيع على مالا يملكه الإنسان ، مثل بيع سلعة عند غيره ، وبيع الأعضاء البشرية ، ونحو ذلك ، ولكن يجوز التبرع بالأعضاء البشرية بشرط أن يكون المتبرع له مضطرا تتوقف حياته على زرع العضو ، وأن لا يعرض المتبرع حياته للخطر بسبب التبرع فإن الله تعالى قال ( ولاتلقوا بأيديكم إلى التهلكة ) ، فإن كان المأخوذ منه العضو ميتا ، يشترط أن تتوقف حياة المريض على أخذ العضو من الميت .
*** السبب السابع : أن يشتمل البيع على الربا وهذا سنفصله لاحقا .
*** السبب الثامن : أن يشتمل البيع على حيلة على الربا ، أو ذرائع إلى الربا ، مثل بيع العينة ، وهي أن يبيع السلعة إلى أجل ثم يعود فيشتريها بسعر أقل حاضرا ممن باعه .
*** السبب التاسع : وزاد بعض العلماء أن يشتمل البيع على مالا نفع فيه ، ومثلوا له ببيع السنور ( القط ) لأنه صح النهي عن بيعه في صحيح مسلم ، وقيل إن هذا القسم يمكن أن يدخل فيما يجب بذله . ثالثا : شروط البيع في الاقتصاد الإسلامي :
***1 – شرط الرضى فلا يصح البيع إلا عن تراض بين الطرفين ، قال تعالى (إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم )) ، ولكن ، كيف يتحقق شرط التراضي بين المتعاقدين هنا ؟؟ *** وللعلماء ثلاثة أقوال في تحقيق شرط الرضى في البيع ، وهذه المسألة مهمة ، لأنه قد جدت كثير من النوازل في هذا الزمان التي تتعلق بهذه المسألة ، فأنت مثلا تضع النقود في آلات بيع المرطبات فتخرج لك ما تريد ، فهل حصل هنا تراض بين البائع والمشتري ؟ وأيضا أنت تشتري عن طريق بطاقة الفيزا في الإنترنت ، فهل حصل هنا تراض ؟ *** للعلماء في هذه المسألة ثلاثة أقوال : *** أ : أن التراضي لا يحصل إلا بالقول ، أي بالإيجاب والقبول ، وهذه مشكلة في زماننا ، لأن بعض المعاملات المالية الضخمة تجري في البورصة مثلا بلا إيجاب ولا قبول لفظي ، بل عن طريق الحاسوب في شبكة عالمية دولية ، بوسائل لها قوة الإيجاب والقبول اللفظي بل أقوى منه وأوثق . *** ب : أن التراضي يكون بالقول في الأصل ، ويجوز بالفعل في الأمور التي يكثر عليها التعاقد ، وهذا تسامح من بعض الفقهاء من أصحاب القول الأول ، ومثال ذلك أن تعطي الخباز النقود فيعطيك الخبز وكلاكما صامت ، وأن تركب سيارة أجرة والتعرفة معلومة فتدفع وأنت صامت ، وكذا ما سبق عن آلات بيع المرطبات ، فمثل هذا يسميه الفقهاء المعاطاة ، ويقولون هؤلاء إن ما كثر التعاقد عليه من الأمور الحياتية اليومية يصح البيع فيها بالمعاطاة ، ولا يشترط الإيجاب والقبول اللفظي . ***ج : أن التراضي يكون بكل ما يدل عليه من قول أو فعل ، وهو قول شيخ الإسلام ابن تيميه ، وكان شيخ الإسلام ذا شخصية عبقرية ، وقد كان دائما يسبق الأحداث ، فكأنه كان يعيش خارج عصره . &&& ومن الأمثلة على ذلك ، التعاملات عن طريق البورصة كما سبق ، حيث تقع في لحظات بل ثوان ، بنظام متفق عليه بين الشركات والمتعاقدين يدل على الرضى ، فهي كلها صحيحة لا إشكال فيها ، وقد دخل في هذا الحكـــــم ـ أعني صحة البيع بالمعاطاة في كل ما يدل على الرضى من قول أو فعل ـ كل ما يأتي الزمان به مستقبلا من صور قد نجهلها الآن . ولكن يجب أن يسبق هذا اتفاق بين الشركات وبين البائع والمشتري على نظام محدد يعبر عن الرضى ، كرقم الفيزا على الإنترنت الذي يعبر عن صاحبه ، ولو لم يكن راضيا لم يضع رقمه عند شراء السلعة ، وفي بعض المعاملات قد تعطي هذا الرقم على الهاتف معبرا عن الرضى ، وهكذا ، فالمهم أن يكون ثمة وسيلة ما تحقق هذا الشرط بين المتعاقدين ، ولا يشترط الإيجاب والقبول اللفظي .
***2 – شرط الرشد : والعلماء يستثنون من اشتراط الرشد ، بيع المميز في الأمور التي جرى العرف عليها ، مثال ذلك : لو قال ولد مميز لأبيه : أنا بعت بيتنا لفلان ، فهذا لا يصح ، ولكن إذا باع الحلويات في بقالة أبيه فهذا حسب العرف يصح . والسفيه ليس براشد فلا يصح بيعه ، والسفيه هو الذي يتصرف في ماله بطريقة تدل على أنه غير راشد فيحجر عليه ، والحاصل أنه يجب أن يكون التعامل بين طرفين راشدين ، فإن قيل فكيف بالتعامل مع الآلة ، وكيف يتحقق شرط الرشد فيها ، والجواب أن التعامل هنا في الأساس مع الشركة التي وضعت الآلة ، وليست الآلة سوى وسيلة للقبض فقط .
***3 – الشرط الثالث أن يكون المبيع مالا : والمال هو كل ما شرع الإسلام بأنه مال مباح يجوز تملكه ، فكل محرم في الإسلام هو غير محترم ، وليس بمال ، ولا يجوز التعاقد عليه وحتى لو كسرته أو أرقته لا تضمنه شرعا ، لأنه لا قيمة له كالآلات الطرب ، واشتراط أن يكون المبيع مالا ، قضية مهمة جدا في المعاملات المعاصرة . ومن أمثلة ذلك :
&&& بيع الأعضاء البشرية ، وهو الآن سوق رائجة ، وله شركات عالمية تبيع وتشتري في الدول الفقيرة ولكل سلعة سعر ، فهل يصح هذا ؟؟ والصحيح أنه لا يصح لأن الأعضاء ليست مالا بل هبة من الله لك . ولكن هنا مسألة مهمة , هي أنه قد عرض على هيئة كبار العلماء في السعودية قضية شراء الجثث للتعلم في الطب ، وهي ضرورة ملحة ، وهذه المسألة من النوازل ، ولهذا فلا بد من وجود علماء في المسلمين ، يكون لديهم إحاطة بأمرين مهمين : ***الأول : القواعد الشرعية العامة التي أطر الشريعة الإسلامية . ***الثاني : النصوص . ذلك أنه فهم النص في سياق القواعد الشرعية ، يختلف عن فهمه مقطوعا عن ذلك ، فالأول يثمر الفهم الصائب ، والثاني يثمر فهما خاطئا . فكانت الإجابة من كبار العلماء بأنه لا يجوز شراء جثة المسلم ولا استعمالها في التعليم لحرمة المسلم ، بينما يجوز استعمال جثة الكافر للتعليم من باب ارتكاب أخف الضررين ، وهذه فتوى صحيحة ، فالكافر ليس له حرمة المسلم .
&&&ومن الأمثلة على ذلك أنه لا يجوز بيع الدم لأنه نجس فهو ليس بمال ، ولا الكلب لأنه محرم والمحرم ليس بمال ، وقيل يجوز ، إن جاز استعماله
4– الشرط الرابع أن يكون المبيع ملكا للمشتري : ـــــــــــــــــــــــــــ وهنا مسألة قد عمت بها البلوى ، لها علاقة بهذا الشرط ، وهي أن لدينا كثير بل أكثر الناس سياراتهم ، بل بيوتهم ، وغيرها ، قد اشتروها عن طريق المرابحة في بعض البنوك الإسلامية. والمقصود هنا ، أن بيع المرابحة ، أعترض عليه بأنه قد تخلف فيه شرط ملك البائع لما يبيعه ـ وهو البنك الإسلامي ـ وأنه لا يجوز له بيع ما لا يملكه . ومثال ذلك : لو جاءك شخص وقال أرغب بشراء سيارة صديقك ، فقلت له بعتك ، ناويا أنك تشتريها من صديقك ثم تبيعها عليه ، وقال اشتريت ، فهذا عقد باطل ، لانه قد يأتي صاحب السيارة فيرفض بيعها لك ، ولهذا نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن هذا البيع قائلا (( لاتبع ما ليس عندك )) رواه أحمد وأصحاب السنن من حديث حكيم بن حزام رضي الله عنه . فهل بعض البنوك الإسلامية ، عندما تبيع سيارات أو سلع الشركات الأخرى ، هل هو يبيع ما يملك ، وما ليس عنده . ومن المعلوم أن العميل عندما يأتي إلى البنك الإسلامي ليشتري سيارة مثلا ، يقول له البنك الإسلامي : أنا أبيعك ، ويقصد بذلك أنا أبيعك ما تختاره من السيارات الموجودة في الشركات التي في السوق ، ولكن من أين يأتي بها ؟ وهل هو يبيع ما يملك ؟ وقد حاول بعض الفقهاء أن يخرجوا البنك الإسلامي من هذا الإشكال بما يلي : *** أولا : أن يعد العميل البنك الإسلامي بالشراء ، والبنك يعد العميل بالبيع ، ويوقع الطرفان على (الوعد). ومعنى هذه الورقة الموقعة بين الطرفين بالوعد : أي : البيع لم يتم بعد ، لكن وعدناك بالبيع بعدما نشتري السلعة ، وأنت وعدتنا بالشراء منا . *** ثانيا : يجعل البنك هذه الورقة ملزمة ؟ فأنت عندما تأتي البنك الإسلامي ، وتوقع على الوعد بالشراء ، فأنت ملزم بإتمام العملية ، ويقولون هي ليست ببيع ، حتى لا نقع في إشكال بيع مالا يملك البائع ، وإنما هي وعد ، والمسلم مسؤول عن وعده ، ملزم بالوفاء به . *** ثالثا : بعدها يعطي البنك الإسلامي للشركة ، قيمة البضاعة نقدا ، ويحولها إلى المشتري بالأقساط بربح معلوم ، فيضمن بذلك عدم تراجع المشتري عن الصفقة ، ويضمن أيضا ربحه فيها . وقد ألف الشيخ محمد الأشقر رسالة بين فيها بطلان هذه المعاملة ، وأن إلزام العميل بالبيع عند الوعد بالشراء لا يجوز ، لانه يجعل البنك كأنه قد باع مالا يملك وحرر هناك أن الوعد لا يلزم ، وفصل القول فيه : هل يلزم الوعد بالشراء قضاء أم ديانة ؟ ومعنى ذلك أنني إذا وعدتك ، ولم اشتر ، فاشتكيت للقضاء فهل يلزمني القاضي بذلك ؟ ومعنى ديانة ، أن القضاء إذا لم يلزمني ، هل عليه إثم لو أخلفت وعدي ، وعلي التوبة . وبين أن الوعد بالشراء هنا غير ملزم ، وأن الواجب أن يشتري البنك الإسلامي السلعة من الشركة ويملكها بعقد رسمي يكون بمثابة حيازتها ، ثم يبيعها للعميل مقسطة ويربح فيها ، وليس للبنك الإسلامي أن يلزم العميل بمجرد الوعد بإتمام الصفقة ، لان ذلك في حقيقته بيع ، وإن كانت صورته صورة وعد. لكن المتحايلون أتوا بطريقة أخرى : وهي أن لا يقوم البنك الإسلامي بشراء السلعة ، بعقد رسمي من الشركة التي يطلب العميل سلعة منها ، ويكون العق بمثابة الحيازة ، بل يكفي الإيجاب والقبول عن طريق الهاتف ، ثم يوقع مع العميل عقد البيع ، ويبيع السلعة بالأقساط ، ثم بعد ذلك يتم البنك الإسلامي العملية مع الشركة . ولكن هذه العلمية أيضا غير شرعية ، وإنما هو تحايل ، أرادوا به أن يفارقوا في الصورة فقط ، بين ما تجريه شركات التسهيلات الربوية ، ومعاملة البنك الإسلامي ، وقد صح في الحديث أن صلى الله عليه وسلم ((نهى أن تباع السلع حيث تبتاع حتى يحوزها التجار إلى رحالهم )) رواه أبو داود من حديث زيد بن ثابت . وهذا يعني أن التاجر يجب عليه بعد التملك أن يحوز السلعة إذا أراد إعادة بيعها ، وحيازة كل شيء بحسبه ، وليس معناها بالضرورة نقل السلعة إلى مكان البائع في كل الأحوال ، فقد تكون السلعة طائرات أو سفنا أو سيارات كثيرة لايمكن البائع أن ينقلها ، ولكن يجب أن تكون السلعة ، انتقلت إليه وصارت في حوزته ، مثل أن يكون ثمة أوراق رسمية لها قوة القانون تثبت أن السلعة هي في حوزة البنك ومسجلة باسمه ، بحيث لو فرض أن تراجع المشتري ، فالسلعة قد دخلت في ذمة البنك الإسلامي دخولا تاما . وننبه هنا إلى أن من صور بيع السلع قبل حيازتها ، ما يحصل أحيانا في بيع التورق ، فعلى سبيل المثال ، نجد من هو بحاجة إلى نقود ، يذهب ليشتري كمية من الإسمنت مثلا بالأقساط ، ويوقع على الشراء ، ثم يبيعه مباشرة لمقاول بسعر أقل نقدا ، وذلك قبل الحيازة ، بل إنه لا يعرف أين بضاعته ، وهذا بيع منهي عنه ، وهو بيع التاجر السلعة قبل حيازتها ، أما إذا فصلت البضاعة ، وأخليت للمشتري ، ثم باعها المشتري للمقاول ، فهذه هي مسألة التورق التي فيها الخلاف المشهور ، ، ومن أهل العلم من يحرمها مطلقا ومنهم من يبيحها بشرط الحيازة مطلقا ، ومنهم من يبيحها بعد الحيازة للحاجة فقط . وكلنا يتذكر أن أزمة سوق المناخ ، إنما حدثت بسبب مخالفة هذا الشر ط ، أعني شرط ملك السلعة قبل بيعها ، فقد كانت تباع أسهم شركات وهمية بالأجل ، طامعا من يشتريها أن يعيد بيعها ويحصل على الأرباح ، ريثما يحين الأجل فيقدر على تسديد الدين الذي عليه ، ولكن الذي حدث أن السوق الوهمي انهار وبقيت الديون على أصحابها ، وتحملت الدولة أزمة كبيرة جدا بقيت إلى سنوات.
*** 5 – الشرط الخامس القدرة على التسليم : وهذا شرط أساسي ، لأنه إن لم يمكن التسليم فلن يتحقق مقصود البيع ، ومثال ذلك تحريم بيع السمك في الماء والطير في الهواء ، وبيع سلعة هي في بلاد حرب على سبيل المثال ، فلا يمكن تسليمها ، فهذا كله لا يصح . *** 6 – الشرط السادس معرفة الثمن ويحدد ثمن السلعة بالمشاهدة أو الوصف .
*** 7 - معرفة المثمن ، أي السلعة : بالمشاهدة أو الوصف كذلك ، مثاله : إن قال بعتك سيارة وقال الآخر اشتريت لم يصح ، فلم تعرف السيارة ولا ثمنها ، ولو قال بعتك سيارة بخمسة آلاف لم يصح لعدم معرفة العملة ، فيجب تحديد الثمن ، إلا إن كانت العرف يحددها ولكن على شبكة الإنترنت مثلا يجب تحديد العملة . والمشاهدة ، يمكن أن تكون عن طريق الوسائل التي تنقل الصوت والصورة ، ويكفي ذلك في مشاهدة السلع في البيوع ، إن كانت موثوقة ، ويبقى المشتري على الخيار إن وجد الواقع مختلفا . ولكن هل يصح أن فيتزوج رجل في السعودية بامرأة في إندونيسيا والشهود في الكويت في مجلس واحد هو غرفة في الإنترنت ! فهل يصح العقد ؟ هذه المسألة تحتاج إلى بحث ؟
رابعا : الشروط في البيع
الفرق بين شروط البيع والشروط في البيع ، أن الشروط في البيع يقصد بها ، تلك الشروط التي يتفق عليها الطرفان البائع والمشتري ، أثناء عقد البيع ، مثال ذلك : وضع شرط جزائي على المقاول إذا لم ينه البناء خلال شهر مثلا أو أن أبيعك سيارة وأقول لك : بشرط أن لا تبيعها حتى تنهي أقساطها ، أو يشترط الخيار في البيع لمدة ثلاثة أيام ، أو الرهن ، ونحو ذلك . والعقود هذه الأيام ، مليئة بالشروط بسبب تعقد الحياة ، فما هي أهم أحكام الشروط في البيع . *** قال كثير من العلماء : الشروط نوعان ، صحيح وفاسد
*** والشرط الصحيح على ثلاثة أنواع : ***1 – شرط من مقتضى العقد ، وهو كما يقال ( تحصيل حاصل ) ، كأن تعطيني البضاعة وأعطيك الثمن ( تسليم الثمن والمثمن ) . ***2– شرط من مصلحة العقد ( الرهن ، الشهود ، الخيار ) . ***3 – شرط البائع أو المشتري نفعا معلوما ، مثل أن يشترط البائع سكنى الدار شهرا قبل تسليمها إلى المشتري ، أو يشترط المشتري على البائع حمل الحطب أو تكسيره ونحو ذلك . والحنابلة هنا لا يجيزون أكثر من شرط من النوع الثالث ، ويقولون إن شرط أكثر من شرط ، بطل البيع ، ولكن الصحيح أنه لا يبطل ، وله أن يشترط أكثر من شرط من النوع الثالث ، وهم قد استدلوا بحديث (( لا يحل سلف وبيع و شرطان في بيع ولا ربح ما لم يضمن ولابيع ما ليس عندك)) رواه الخمسة من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنه ، إلا ابن ماجة فله منه ( ربح مالم يضمن وبيع ما ليس عندك ) وسنبين معناه قريبا إن شاء الله تعالى . *** وننبه هنا إلى أمر مهم جدا : وهو أن كثيرا من العلماء يعتبرون الشروط في الأصل باطلة ، وهذا يسبب إشكاليات كثيرة في هذا العصر ، فالمعاملات الحالية مليئة بالشروط ، وتتم صفقات بين دول بشروط وبنود كثيرة ودقيقة للغاية ، فإذا جعلنا الأصل في الشروط أنها محرمة فهذا سيكون سببا في حرج شديد ، وسنأتي بعد قليل على هذه النقطة بمزيد إيضاح .
*** أما الشروط الفاسدة فقسمت إلى : ***1 – شرط يبطل العقد من أصله ، كاشتراط أحدهما على الآخر عقدا أخر ، كسلف أي سلم ، وقرض ، وبيع وإجارة ونحو ذلك . ***2 – فاسد يبطل الشرط ويصح العقد ، أي يصح معه البيع ، كأن يشترط أن لا خسارة عليه ، أو متى نفق وإلا رده ، أو لا يبيع السلعة ، أو لا يهبها ، أو أن يبيعها على فلان ، أو يهبها لفلان ، فهنا عند جمهور العلماء ، يبطل الشرط وحده ، ويصح العقد ، وسيأتينا أن الصحيح صحة هذه الشروط . ***3 – ما لا ينعقد معه العقد ، كقوله بعتك إن رضي فلان ،أو إن جئتني بكذا. *** هذا هو التقسيم المشهور ، غير أن ثمة نزاع في كثير من أنواع القسم الثاني ـ قسم الشرط الفاسد ـ ، وجمهور العلماء يجعلون الأصل في الشروط التحريم ، فلا يباح منها إلا بدليل ، ولهذا فقد جعلوا كثيرا من الشروط التي فيها مصلحة للمتعاقدين أو أحدهما ، فاسدة ، وبعضهم أجاز الشرط الواحد ومنع أكثر منه ، وكل ذلك فيه نظر . وقد ذهب شيخ الإسلام ابن تيمية إلى أنه لا يصح القول بأن الأصل في الشروط التحريم ، وقال : إن الصحيح أن الأصل في الشروط في البيع الإباحة ما لم يرد نص بالتحريم . &&& ومثال على ذلك : لو باعك بائع السلعة وشرط أن لا تبيعها لغيرك ، إلا بعد أن تعرضها عليه ، أو اشتريت سلعة بشرط إن نفقت وإلا رددتها على البائع ، فالأصل إباحة هذه الشروط وتلزم بالعقد ، وكذلك إذا شرط المشتري على البائع أكثر من شرط ولكنها مباحة في الأصل ، كل ذلك جائز وصحيح ولازم ، لانه لم يرد نص في تحريمها .
وقد أورد العلماء القائلون بأن الأصل في الشروط التحريم عدة أدلة : *** 1– منها حديث (( كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل وإن كان مائة شرط)) *** 2– حديث (نهى عن بيع وشرط ) . ***3 – حديث (( نهى عن بيع وسلف وعن شرطين في بيع)). ورد عليهم شيخ الإسلام ابن تيميه بما يلي : *** قال رحمه الله ( القول الثاني أن الأصل في العقود والشروط : الجواز والصحة ولا يحرم منها ويبطل إلا مادل الشرع على تحريمه وبطلانه ، نصا أو قياسا ، عند من يقول به ، وأصول أحمد المنصوصة عنه : أكثرها يجري على هذا القول ومالك قريب منه ،ولكن أحمد أكثر تصحيحا للشروط ، فليس في الفقهاء الأربعة أكثر تصحيحا للشروط منه .... هذا القول هو الصحيح : بدلالة الكتاب والسنة ، والإجماع ، والاعتبار مع الاستصحاب ، وعدم الدليل المنافي . أما الكتاب فقد قال تعالى ( يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود ) والعقود هي العهود ، وقال تعالى : ( وإذا قلتم فاعدلوا ولوكان ذا قربى وبعهد الله أوفوا ) وقال تعالى ( وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسئولا ) فقد أمر الله بالوفاء بالعقود ، وهذا عام ، وكذلك أمر بالوفاء بعهد الله وبالعهد ، وقد دخل في ذلك ما عقده المرء على نفسه ، بدليل قوله تعالى ( ولقد كانوا عاهدوا الله من قبل ) فدل على أن عهد الله يدخل فيه ما عقده المرء على نفسه ، وإن لم يكن الله قد أمر بنفس ذلك المعهود عليه قبل العهد ، كالنذر والبيع ، إنما أمر بالوفاء به ، وهذا قرنه الصدق في قوله ( وإذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قربى وبعهد الله أوفوا ) ...وإذا كان جنس الوفاء ورعاية العهد مأمورا به ن علم أن الأصل صحة العقود والشروط ، إذ لامعنى للتصحيح إلا ما ترتب عليه أثره ، وحصل به مقصوده ، ومقصود العقد : هو الوفاء به ، فإذا كان الشارع قد أمر بمقصود العهد ، دل على أن الأصل فيها الصحة والإباحة ) وأجاب على الاحتجاج بحديث ( ليس في كتاب الله ) بقوله : ( وأما قوله صلى الله عليه وسلم ( من اشترط شرطا ليس في كتاب الله فهو باطل ، وإن كان مائة شرط ، كتاب الله أحق ، وشرط الله أوثق ) فالشرط يراد به المصدر تارة ، والمفعول أخرى ، وكذلك الوعد والخلف ، ومنه قولهم درهم ضرب الأمير ، والمراد به هنا ـ والله أعلم ـ المشروط ، لانفس المتكلم ، ولهذا قال : ( وإن كان مائة شرط ) أي : وإن كان مائة مشروط ، وليس المراد تعديد التكلم بالشرط ، وإنما المراد تعديد المشروط ، والدليل على ذلك قوله : ( كتاب الله أحق ، وشرط الله أوثق ، أي : كتاب الله أحق من هذا الشرط ، وشرط الله أوثق منه ، وهذا إنما يكون إذا خالف ذلك الشرط كتاب الله وشرطه ، بأن يكون المشروط مما حرمه الله تعالى ، وأما إذا كان المشروط مما لم يحرمه الله تعالى ، فلم يخالف كتاب الله وشرطه ...... فمضمون الحديث : ان المشروط إذا لم يكن من الأفعال المباحة ، أو يقال : ليس في كتاب الله : أي ليس في كتاب الله نفيه ، كما قال ( سيكون أقوام يحدثونكم بما لم تعرفوا أنتم ولا آباؤكم ) أي : بما تعرفون خلافه ، وإلا فما لا يعرف كثير ) مجموع الفتاوى 29/ 132ـ161 ومعنى كلامه أن مقصود حديث ( كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل ) أي كل مشروط حرمته الشريعة ، فهو باطل ، وليس مقصوده أن كل شرط زائد على العقد محرم إلا ما كان منصوصا عليه .
*** أما الحديث الثاني : وهو حديث ( نهى عن بيع وشرط ) فهو حديث لا أصل له فلا يحتج به . *** أما الحديث الثالث : وهو حديث ( نهى عن شرطين في بيع ) قال ابن القيم : إن الصحيح أن الشرطين في البيع هما البيعتان في البيعة ، وهو بيع العينة ، وهو أن يحتاج الشخص للنقد ، فيأتي شخصا آخر ، ويقول له : أبيعك سيارتي بثلاثة آلاف نقدا وأشتريها منك بخمسة مقسطة . *** قال ابن القيم رحمه الله في تعليقه على معالم السنن بعد ذكر الأقوال في تفسير حديث ( نهى عن شرطين في بيع ) : ((فإذا تبين هذه الأقوال فالأولى تفسير كلام النبي صلى الله عليه وسلم بعضه ببعض . فنفسر كلامه بكلامه . فنقول : نظير هذا نهيه صلى الله عليه وسلم عن صفقتين في صفقة , وعن بيعتين في بيعة . فروى سماك عن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود عن أبيه قال " نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صفقتين في صفقة " . وفي السنن عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم " من باع بيعتين في بيعه فله أوكسهما , أو الربا " . وقد فسرت البيعتان في البيعة بأن يقول " أبيعك بعشرة نقدا , أو بعشرين ونسيئة " هذا بعيد من معنى الحديث من وجهين . أحدهما : أنه لا يدخل الربا في هذا العقد . الثاني : أن هذا ليس بصفقتين , إنما هو صفقة واحدة بأحد الثمنين . وقد ردده بين الأوليين أو الربا . ومعلوم أنه إذا أخذ بالثمن الأزيد في هذا العقد لم يكن ربا . فليس هذا معنى الحديث . وفسر بأن يقول " خذ هذه السلعة بعشرة نقدا وآخذها منك بعشرين نسيئة وهي مسألة العينة بعينها . وهذا هو المعنى المطابق للحديث . فإنه إذا كان مقصوده الدراهم العاجلة بالآجلة فهو لا يستحق إلا رأس ماله , وهو أوكس الثمنين فإن أخذه أخذ أوكسهما , وإن أخذ الثمن الأكثر فقد أخذ الربا . فلا محيد له عن أوكس الثمنين أو الربا . ولا يحتمل الحديث غير هذا المعنى وهذا هو بعينه الشرطان في بيع . فإن الشرط يطلق على العقد نفسه . لأنهما تشارطا على الوفاء به فهو مشروط , والشرط يطلق على المشروط كثيرا , كالضرب يطلق على المضروب , والحلق على المحلوق والنسخ على المنسوخ . فالشرطان كالصفقتين سواء . فشرطان في بيع كصفقتين في صفقة : وإذا أردت أن يتضح لك هذا المعنى فتأمل نهيه صلى الله عليه وسلم في حديث ابن عمر عن بيعتين في بيعة , وعن سلف وبيع . رواه أحمد . ونهيه في هذا الحديث عن شرطين في بيع وعن سلف في بيع فجمع السلف والبيع مع الشرطين في البيع , ومع البيعتين في البيعة . وسر ذلك : أن كلا الأمرين يئول إلى الربا , وهو ذريعة إليه . أما البيعتان في بيعة : فظاهر , فإنه إذا باعه السلعة إلى شهر ثم اشتراها منه بما شرطه له , كان قد باع بما شرطه له بعشرة نسيئة . ولهذا المعنى حرم الله ورسوله العينة . وأما السلف والبيع : فلأنه إذا أقرضه مائة إلى سنة , ثم باعه ما يساوي خمسين بمائة : فقد جعل ذا البيع ذريعة إلى الزيادة في القرض الذي موجبه رد المثل , ولولا هذا البيع لما أقرضه ولولا عقد القرض لما اشترى ذلك . فظهر سر قوله صلى الله عليه وسلم " لا يحل سلف وبيع , ولا شرطان في بيع " وقول ابن عمر " نهى عن بيعتين في بيعة وعن سلف وبيع " واقتران إحدى الجملتين بالأخرى لما كانا سلما إلى الربا . ومن نظر في الواقع وأحاط به علما فهم مراد الرسول صلى الله عليه وسلم من كلامه , ونزله عليه . وعلم أنه كلام من جمعت له الحكمة , وأوتي جوامع الكلم , فصلوات الله وسلامه عليه , وجزاه أفضل ما جزى نبيا عن أمته )) انتهى. &&& واليوم يحدث هذا البيع ـ أعني شرطين في بيع أو بيعتين في بيعـــــة ـ بطريق الحيلة ، فيذهب اثنان إلى البنك الإسلامي ، يقول أحدهما أريد أن أبيع سيارتي على فلان تظاهرا فقط ، ثم ترد السيارة على صاحبها بعد انتهاء المعاملة ، الهدف أن يأخذ من البنك الإسلام المال نقدا ، والبنك يقسط عليه السعر الجديد ، وهذه تسمى العينة الثلاثية ، لأنهما ادخلا طرفا ثالثا هو البنك الإسلامي ، وهذا البيع هو المقصود بالنهي عن شرطين في بيع ، أي بيع العينة ، أو بيعتين في بيعة كلها بمعنى واحد .
*** والخلاصة : أن حديث المؤمنون على شروطهم ، عام يدل على إباحة الشروط ما لم يرد نص على تحريم شرط بعينه ، وأن كل شرط غير محرم فهو ملزم والله اعلم ، كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية : (( وأصول أحمد ونصوصه تقتضي جواز شرط كل تصرف فيه مقصود صحيح ، وإن كان فيه منع من غيره)) مجموع الفتاوى 29/169 خامسا : الخيار:
من حكمة الشريعة أنها جعلت للمتعاقدين الخيار بعد العقد ، حتى يكون لهما فرصة لمراجعة هذا العقد ، فقد يطرأ سبب لتغير رأي أحد المتبايعين ، أو يجد أحدهم في الصفقة ، غير ما اتفقا عليه في العقد ، فلهذا أوجدت الشريعة الحكيمة فرصة للنظر ، وذلك من خلال باب الخيار ، وقد عد العلماء أنواعه فبلغت سبعة أنواع:
***1 - خيار المجلس : ومعنى خيار المجلس ، أنه إذا بيعت سلعة ، فإن للبائع والمشتري حق فسخ العقد ماداما في المجلس ، حتى يفترقا ، فكأن العقد مفتوح ، حتى يخرج أحدهما من المجلس ويتفرقا بالأجساد عن بعضهما ، مثال ذلك : اشتريت سيارة ، وأنت والبائع في مجلس واحد ، فإنه يجوز لك التراجع مادمتما في المجلس لم تتفرقا بأبدانكما .
*** فإن أراد المتبايعان أن يمضيا العقد على الفور ، فهناك طريقتان لإنهاء خيار المجلس : الأولى : أن يفترقا بالأجساد عن بعضهما فيخرج أحدهما من المجلس . والثانية : إسقاط شرط الخيار في العقد ، فيقول أحدهما تبايعنا ولا خيار ، فإن رضي الآخر سقط الخيار ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا تبايع الرجلان فكل واحد منهما بالخيار ، مالم يتفرقا وكانا جميعا ، أو يخير أحدهما الآخر ، فإن خير أحدهما الآخر ، فتبايعا على ذلك فقد وجب البيع وإن تفرقا بعد أن تبايعا ولم يترك واحد منهما البيع فقد وجب البيع ) متفق عليه ، وهذا يعني أنهما إن اتفقا على إسقاط خيار المجلس سقط . وهل يجوز للبائع تعمد مفارقة المجلس لإسقاط الخيار دون اتفاق مع الآخر ؟ الجواب : لا يحل له ذلك لقوله صلى الله عليه وسلم :" ... ولا يحل له أن يفارقه خشية أن يستقيله " روه الخمسة إلا ابن ماجة من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما. وترك المجلس ينضبط بالعرف ، فإن كانا في طائرة أو سفينة فينتهي الخيار بترك المكان الذي عقدا فيه العقد ، وإن كانا على شبكة الإنترنت فينتهي الخيار بترك المجلس على الشبكة ، فيخرج أحدهما من الغرفة في برنامج البال توك مثلا أو غيره ، وعلى أية حال فهذه المسألة بحاجة إلى بحث وهو من النوازل ، فالشبكة ـ الإنترنت ـ تجمع الناس رغم التباعد في مجلس واحد ، فهل يعد هذا مجلسا أم لا ، تحتاج هذه المسألة إلى بحث .
***2 – خيار الشرط : هو أن يقول أحدهما : أريد خيارا ثلاثة أيام مثلا لإتمام الصفقة لهذه السلعة ، فإن غيرت رأيي انحل العقد ، وقد يطلب هذا الشرط البائع ، وقد يطلبه المشتري ، أو كلاهما ، وهو خيار مشروع غير محدد ، فيكون بحسب اتفاقهما شهرا أو أسبوعا أو غير ذلك ، ويجب أن يكون اشتراط هذا الشرط ، في صلب العقد ، أو في مدة خيار المجلس ، ولا يصح بعد لزوم العقد ، كما يشترط أن يكون إلى أجل معلوم محدد ، كشهر مثلا .
*** 3 – خيار الغبن وهو يتعلق بالسعر ، فلو اكتشف البائع أو المشتري أنهما غبنا ، بأن يشتري المشتري بأعلى من سعر السوق ، أو البائع بأدنى منه ، فوق العادة ، فلكل واحد منهما الخيار ، فيأتي بالبينة على أنه غبن ، ويفسخ العقد أو يمسك إن شاء ، والضابط هو سعر السوق .
***4 – خيار التدليس فإن اكتشف المشتري أو البائع وضع شيء في السلعة يزيدها جمالا ، كعمل تلميع للسيارة مثلا ، فتظهر بمظهر غير مظهرها الحقيقي ، فيزيد ذلك في سعرها بما لا تستحقه ، ويثبت هذا الخيار بما يزيد به الثمن ، أما مالايتاثر به الثمن فلا يثبت به هذا الخيار ، مثل التغيير المتعارف عليه ، كأن يغسل السيارة لتبدو جميلة وجديدة . فإن ثبت خيار التدليس فله خيار الفسخ ، وقد ورد في السنة ما يسمى التصرية ، وهو ترك الناقة فلا تحلب أياما ، ثم تباع وضرعها مملوء على أنها حلوب ، وعندما يحلبها المشتري أول مرة ثم الثانية يفاجأ بأنها كانت مصراة ، فهذا تدليس وغش يفسخ به العقد ، قال صلى الله عليه وسلم : (( لاتصروا الإبل والغنم فمن ابتاعها فهو بخير النظرين بعد أن يحلبها إن شاء أمسك وإن شاء ردها وصاعا من تمر )) متفق عليه .
*** 5 – خيار العيب : إن ظهر في السلعة عيب ينقص قيمة المبيع ـ وليس كل عيب ـ أخفاه البائع بعلم أو بدون علم ، ولكن تم العقد على عدم وجود هذا العيب ، فله الحق في خيار العيب بفسخ العقد أو أخذ التعويض وهو قسط ما بين قيمة الصحة والعيب. &&& وهنا شيء نسمعه كثيرا في حراج السيارات بقول البائع : أبيعك حديد سكراب ! فهل تبرأ الذمة هنا ؟ في ذلك تفصيل : فالواجب أن يعرّف البائع المشتري عن العيوب فلا يسقط خيار العيب إن علمها ، أما إن لم يعلم فالمؤمنون على شروطهم ، فله أن يقول أبيع حديدا ( سكراب ) : " ... فإن كذبا وكتما محقت بركة بيعهما " . وبعض الناس يسأل : هل يجب علي أن أذكر كل عيوب السلعة ؟ فضابط ذلك أن تجعل نفسك في مكان المشتري ، فما أحببت أن تعرفه عن السلعة فأخبر أخاك عنه كما صح في الحديث : " لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه " متفق عليه من حديث أنس رضي الله عنه ، وقد يشق ذلك على النفس لأنك تريد أعلى سعر ، فتذكر حينئذ الحديث " ... فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما " فلا تغش أخاك المسلم ، وتذكر بركة الصدق وأن الغش لن ينفعك في الحقيقية ، وإن كان نفعا عاجلا فهو ممحقة للبركة.
*** 6 – خيار الخلف بقدر الثمن . فإن اختلفا بقدر الثمن فقال الأول : بعتك بمائة ، وقال الآخر : بل بتسعين ، ولا بينة أو شهود أو دليل ، فلهما الفسخ ، بعد أن يحلف البائع أولا ، ثم المشتري ، ثم لكل واحد منهما الفسخ إن لم يرض أحدهما بقول الآخر .
***7 – خيار الخلف في الصفة على سبيل المثال ، بقول المشتري : اشتريت هذا الأثاث ، وقول البائع : بل غيره ، أو وجد السلعة قد تغيرت عما وصف له ، أو عما رآه ، وكان الفارق بين الرؤية والتسليم وقت قصير ، أو مثل قول مشتر : اشتريت سيارة كاملة المواصفات ، وقول بائع ليست كذلك ، ولا بينة بينهما ، تحالفا ثم الفسخ .
سادسا : الربا
*** وهو مبحث مهم للغاية ، ذلك أن الله تعالى قد لعن آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه ، كما قال صلى الله عليه وسلم : ( لعن الله آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه ) رواه مسلم ، فتناول اللعن كل من له صلة أو علاقة بالربا ، و قال تعالى :" فأذنوا بحرب من الله ورسوله " وقال " يمحق الله الربا ويربي الصدقات " ، فهذا يدل على أن الربا خطره عظيم ، وضرره جسيم . *** هذا وينقسم الربا إلى قسمين : ربا الديون وربا البيوع .
@@@ ربا الديون : وهو الذي تمارسه البنوك الربوية ، وهو القرض الذي يجر منفعة ، وتقوم عليه البنوك الكبرى ، والقاعدة العامة في الشريعة " كل قرض جر نفعا فهو ربا " ، والقرض يجب أن لا يكون معه أي نفع بل بذل مجاني ، ومحض إحسان ، حتى لو كان النفع بعقد ثان مقرون بعقد القرض ، فإنه ربا ، ومثاله : &&& نبيعك الأرض بالدين بشرط أن نكون نحن الذين نبنيها لك ، وهذا لا يجوز لأنه جر نفعا . &&& ومن الأمثلة المعاصرة المثيرة للجدل ، بطاقة الائتمان التي فيها سحب على المكشوف بمعنى أنه لا يكون ثمة رصيد عندك ، فهم يدينونك من مال البنك ، إذا سحبت في حال لم يكن رصيدك فيه شيء ـ أو يكون لديك رصيد ولكن السحب لا يكون من رصيدك فورا وإنما من شركة الفيزا بالتعاون مع البنك ـ ثم إذا نزل راتبك ، أو لاحقا ، سحبوا منه ما أقرضوك ، وأخذوا زيادة وقالوا هذه عمولة . ثم هم فوق ذلك ينتفعون أيضا من جهة أخرى ، حيث تبقى أموالك عندهم يستثمرونها فلو لم تكن أموالك عندهم لم يعطوك هذا الدين ، فهم إذن إنما أعطوك مقابل نفع لهم ، وهناك نوع آخر من النفع ، وهو الاشتراك السنوي لهذه الفيزا ، فلو فرضنا أن مائة ألف شخص ، دفعوا ستين دينارا ، فالمجموع هو ستة ملايين دينارا سنويا وهو مبلغ كبير انتفع به البنك وأعطاك بطاقة يمكن أن تستدين بها ، فهل هذا كله ، من باب النفع الذي يأتي به الدين ، وبالتالي تكون بطاقة الائتمان التي تمكن العميل من السحب على المكشوف محرمة أم هي عمولة مقابل تسهيل الوصول إلى المال في هذا العالم المعقد ، هذه مسألة نازلة اختلف فيها العلماء ، وهي بحاجة إلى بحث .
*** وعلى أية حال ، هذا هو ربا الديو | |
|
المديرالمؤسس المدير
الجنس : عدد المساهمات : 207 نقاط : 5563 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 30/12/2010 العمر : 52 الموقع : اليمن - إب - تـ (777464255)(714055861)
| موضوع: رد: تيسير بعض أحكام البيوع والمعاملات المالية المعاصرة الأربعاء 30 نوفمبر 2011 - 2:53 | |
| *** وعلى أية حال ، هذا هو ربا الديون ، والبنوك الربوية إنما تقوم على ربا الديون ، يودع الزبائن الأموال في صورة دين ويأخذون عليه فائدة سنوية ، وإذا أرادوا قرضا يعطيهم البنك ويأخذ فوائد فاحشة . ومن الناس من يقول نحن نضع أموالنا عندهم ، وبعد سنة يعطوننا زيادة على أموالنا خمسة بالمائة مثلا ، فلا يوجد استغلال كما يوجد في الربا ، وإنما هي الفائدة والمصلحة ، فلماذا تحرمون التعامل مع البنك الربوي ؟؟ ** والجواب أن البنك الربوي له وجهان : وجه قبيح شيطاني . وآخر جميل في الصورة الظاهرة فقط
ولكل وجه نافذة يستقبل بها العملاء ، فالوجه الحسن يستقبل به من يضعون أموالهم يبتغون بذلك الفائدة ، وفي النافذة الأخرى الوجه القبيح الذي يدين به المحتاجين إلى القروض . فمن يريد سيارة فاخرة ـ مثلا ـ أو بيتا واسعا أو يختا ، على سبيل المثال يعطيه البنك قرضا ، ويأخذ منهم فوائد عالية تصل إلى ثمانين بالمائة ! ثم يعيد يزيد الفوائد كلما تأخر السداد ، ثم يعيد الجدولة إن طلب العميل ذلك ، ويضاعف الفوائد أضعافا مضاعفة ، ولو تخلف في الدفع ذهب إلى السجن بينما يعطي البنك المودعين خمسة بالمائة كل سنة فقط ، فيعتقد هؤلاء أن البنك لا يصنع إلا المعروف . وواقع الحال أن البنك الربوي إنما يأكل الربا أضعافا مضاعفة ، من جهة ، ويعطي النزر اليسير منه من جهة أخرى . ثم هو أيضا يضع أموال المودعين ، في بنوك ربوية عالمية ويأخذ عليها ، فوائد بمقدار خمسة عشر بالمائة مثلا ، ثم يعطي المودعين خمسة ويأخذ عشرة ، فالبنك الربي كالشخص الجشع ، الذي يمتص دماء الناس ، ويكون ثروة بالديون بفائدة فقط ، دون أن يسهم في توفير فرص عمل أو مشاريع . وبتتبع التاريخ علم أن الذين أتوا بفكرة البنك الربوي ، هم اليهود وهم أهل الربا ، قال تعالى :" وأكلهم الربا وقد نهوا عنه " ، وقال : " سماعون للكذب أكالون للسحت " ، فغذاء عقولهم الكذب وغذاء قلوبهم السحت . ويقال أن الفكرة بدأت في ألمانيا ، حين فكر اليهود هناك ، بأن التجار والمزارعين لديهم أموال يضعونها في البيوت ، فلو جمعناهــــا في مكان واحد عندنا ( المصرف ) وحفظناها لهم ونعطيهم عليها فوائد قليلة آخر السنة ، واستفدنا من بقاءها لدينا بأن ندين المحتاجين بفائدة أعلى ونأخذ الفرق لنا . ثم أعلنوا للناس أن لدينا أموالا للقروض ، فمن أراد أن يفتح مشروعا ويستدين فليأتنا ونضع عليه فائدة ، ثم جاء الناس يأخذون الديون ، ويرهنون البيوت وكلما تأخروا زادوا عليهم بجشع اليهود ، فإذا جاء آخر العام جاء من وضع أمواله لديهم من التجار ، فقالوا له إن مالك قد زاد زيادة خمسة بالمائة ، فيفرح بذلك ، ويبقى ماله لديهم ، وهم إنما استفادوا من ماله ، بإقراض المحتاجين بفائدة ، وجعلوها لهم ، وهكذا أصبحوا أثرياء بطريق الربا ، ثم انتشرت هذه الفكرة حتى صار الربا جزءا لا يتجزأ من النظام الاقتصادي العالمي وجعلوه مبنيا على الربا . وهتلر في كتابه كفاحي ذكر هذه الحقيقة ، فقال أن اليهود دمروا ألمانيا بالربا والدعارة .
**** وربا الديون قد يمارس بشكل واضح ، وقد يمارس بالحيل .
وثمة حيل عديدة على الربا : &&& أـ فمثلا رجل عنده شيك مؤجل بسبعين ألفا ، فتأتي شركة وتعمل كوسيط ، وتقول نحن نعطيك ستين ألفا وحول علينا الشيك الذي هو مستحق لك على الغير ، ولا تنتظر مدة التأجيل ، وهي حيلة على الربا ، فكأنهم يعطونه ستين ألفا ، ويستردوها سبعين ألفا ، وهذا هو الذي يسمى خصم الأوراق التجارية ، وهو ربا ، ولذلك لا تفعله البنوك الإسلامية . &&& وكذلك المداينة وهي تشبه العينة – والعينة أن يبيع شخص لآخر بأجل ثم يشتري السلعة منه حالا بسعر أقل – ففي المداينة يدخل طرف ثالث ، فيشتري الأول من الثاني مؤجلا ، ثم يبيعه لثالث حالا بثمن أقل . &&& ومن ذلك العينة الثلاثية ، وهي منتشرة بين الناس ، مثل أن يذهب اثنان للبنك فيتظاهرا بأن أحدهما باع الآخر سيارة ، ثم ترد لصاحبها ، ويأخذ قيمة الشيك ممن تظاهر أنه باع السيارة على البنك الإسلامي ، ويبقى على المشتري الأقساط التي هي أكثر من النقد الذي استلمه . &&& وثمة حيل أخرى منها أن يبيعك شيئا مع الدين ، فيداينك مبلغا ، ويبيعك مع الدين قلما بمائة دينار والثمن مؤجل ، والقلم لا يساوي دينارا ! ويقول هذا دين وبيع وهو في الحقيقة حيلة على الربا .
&&& ومن الحيل الأخرى شركة هبتكو ، وتدعي أنها تعمل بالألبان فتأخذ أموالك وتعمل فيها وتعطيك 8% من رأس مالك الذي أعطيتهم ، إن أردت استرجاع مالك بعد الشهر الأول ، و25% في الثاني و60% في الثالث و100% بعد ثمانية أشهر . وهذا شيء غير معقول ، ولابد أن في الأمر سرا ما ، والذي أشكل على الناس أنهم يمنحونك نسبة ، فظنوا أن هذا جائز ، وهم إنما يمنحونك نسبة من رأس المال لا من الربح فهو كالدين بفائدة ، بالإضافة أنهم يجعلون أموالهم في بنوك أوروبية تمنحهم أرباحا عالية بعد أشهر ، ومن غرائب شأنهم ، أنهم يشترطون أن لا يكون التحاكم إلا في مصر أو الكويت حيث القانون يصير من بعض الوجوه في صالح من يعلن إفلاسه ، وقد قيل أن لهم نشاطا في غسيل الأموال أيضا ، والحقيقة أنها شركة ربوية ، وأما ادعاؤها أنها تستثمر أموال المشتركين في التجارة ، فهو غطاء فقط .
@@@ ربا البيوع : وينقسم إلى قسمين : ربا الفضل ، وربا النسيئة . ولابد أن نقدم هذه المقدمة حتى نفهم ربا البيوع بقسميه . ربا البيوع ، هو ربا يجري عند التبايع بين أصناف محددة من الأموال ، تسمى الأموال الربوية ، وليس معنى الأموال الربوية هنا ، أي المحرمة لأنها كسب ربوي ، بل المعنى أن ربا البيوع يجري فيها إن تم التبايع فيما بينها بطريقة غير شرعية ، وحتى نعرف الطرق الشرعية للتبايع بين هذه السلع التي هي الأموال الربوية ، أولا نقسم الأموال إلى قسمين : ***أحدهما : الأموال الربوية : وهي التي يجري فيها ربا البيوع . ***الثاني : الأموال غير الربوية : وهي التي لا يجري فيها ربا البيوع ، وهي كل ما عدا الأموال الربوية .
وتنقسم الأموال الربوية إلى مجموعتين .
فلنسم المجموعة الأولى مجموعة ( أ)
*** أ – وهي تضم ما يلي : الذهب ، الفضة ، الأوراق النقدية ، والعلة التي جمعت بين هذه الأصناف هي الثمنية أي كونها أثمانا للسلع ، ولهذا فكل عملة هي صنف مستقل ، فهذه المجموعة كبيرة العدد. والقاعدة التي يجب أن تتبع هنا هي : **** أنه إذا كان البيع بين نفس الصنف ( ذهب بذهب ، فضة بفضة ) وجب أن يكون الطرفان ، متماثلين بالوزن ، ووجب أيضا التقابض يدا بيد أيضا . *** فإن عدم شرط التماثل ، سمى البيع ربا الفضل . *** وأما إذا كان البيع بين صنفين مختلفين لكنهما من داخل المجموعة ( ذهب بفضة ، دينار بجنيه ، ذهب بدينار ، فضة بجنيه ) وجب التقابض يدا بيد ، ولا يشترط التماثل *** وإن عدم شرط التقابض سمي البيع ربا النسيئة .
*** ولنسم المجموعة الثانية مجموعة ( ب ) وهي تضم : *** ب – الملح ، التمر ، البر ، الشعير ( والعلة هي مجموع الكيل أو الوزن مع الطعم ، فكل ما تنبته الأرض مما يكون فيه هذه العلة فهو داخل في هذه المجموعة ) وتجري هنا القاعدتان السابقتان في التبايع داخل هذه المجموعة أيضا .
**** أما عند التبايع بين أصناف المجموعتين ، أي صنف من المجموعـــــة ( أ) وصنف من المجموعة ( ب ) فلا يشترط التماثل في الوزن ، ولا يشترط التقابض في المجلس . &&&فإن قال قائل : إذا أردت أن تشتري تمرا من نوع (خلاص ) مثلا بتمر رديء ، فلابد أن يختلف الوزن أو الكيل في هذه الحالة ، فنقول : بع الأول بالأوراق النقدية ، ثم ابتاع الصنف الثاني بالثمن الذي قبضته من بيع الصنف الأول الجيد حتى تخرج من الربا . &&& وقد يقول قائل عندي ذهب قديم وأريد جديدا ، فنقول لا يصح التبايع بين الذهب والذهب إلا بالتساوي ، أو تبيع القديم بنقد ثم تشتري بالنقد الجديد ، ولو شرط البائع أن لا تشتري إلا من عنده لم يصح أيضا . &&& وهنا مسألة مشهورة : وهي هل يجوز شراء الذهب بالفيزا إذا كانت القيمة تخصم فورا من حساب المشتري ، فنقول : نعم إذا كان يخصم فورا ، فكأنه تقابض . وكذلك ترد مسألة الحوالات للعملات بين الدول ، فمن يريد تحويل الدينار إلى جنيه في مصر ، وتصل إلى مصر بعد يومين أو أكثر ، فهل يصح ذلك مع أننا نعلم أنه يشترط التقابض في المجلس ؟ لأنهما مشتركان في علة الربا فكلاهما من نفس المجموعة التي علتها الثمنية ؟ قال بعض العلماء أن الحوالة لا تصح ، ولكن الحاجة ملحة ، وهي حاجة عامة ، فتنزل منزلة الضرورة . ولا ريب أن هذا صحيح ، ذلك أن بعض الدول يقوم اقتصادها على تحويل العملة من الخارج . وقال بعض العلماء أن هذه العملية وهي الحوالة ، تتضمن صرفا أي تبايعا بين عملتين ، وتوكيلا من أحد الطرفين للطرف الآخر ، أو استئجارا له ، بالقيام بإرسال العملة التي اشتراها ، إلى بلد أخر مقابل عمولة ، فهي عملية جائزة لا إشكال فيها ، من يأخذ منك الدينار ثم يحوله إلى جنيه فكأنك قبضت الجنيه ، ثم وكلته عنك في توصيل هذا المال إلى بلدك ، وهذا تخريج صحيح ويرفع الحرج خاصة في هذا الزمان ، إن شاء الله تعالى . &&& ومثال آخر : لديك بطاقة ائتمان ( فيزا ) وسافرت وانقطع بك السبيل ، فيمكنك أن تسحب على بطاقتك على المكشوف من عملة ثانية ، فيعطونك بالدولار ثم يأخذون من رصيدك بالدينار مع فارق العملة ويعتبرونه بيعا ، فهل حصل التقابض هنا ، ومن أهل العلم من قال إن هذه العملية ، مركبة من أن المصرف يداينك الدنانير ثم يقوم بالصرف مع البنك الذي سحبت منه بالفيزا ، ويتوكل عنك في هذا البيع ، وتستلم أنت العملة الأخرى ، ثم يأتي فيما بعد ، ويقبض دينه ، ويأخذ أجر وكالته ، فأجازوه من هذا الباب . &&& كما أثيرت هنا مسألة شراء الذهب بالشيك ، ولكن الشيك لا يفي بشرط التقابض ، فإنه لو كان بغير رصيد لا يستفيد منه ، وإنما يحب التقابض بالمال والشيك ليس مالا بل ورقة تأخذ بموجبها المال ، ولذا فشراء الذهب بالشيكات لا يجوز . &&& لكن بعض الناس يقول : يمكن لصاحب محل الذهب أن يتصل بالبنك ، ويتأكد من وجود صيد للشيك ، ويحجز المبلغ من رصيد العميل لصالحه ، بالاتفاق مع البنك على طريقة يتم بها ذلك ، ففي هذه الحالة نقول يجوز ، ويكون بمثابة التقابض.
**** وأما التبايع بين الأموال الربوية وغير الربوية فلا يشترط أيضا التماثل في الوزن ولا الكيل ولا التقابض في المجلس ، مثلا تشتري سيارات بأوراق نقدية ، أو تشتري ثياب بذهب ، وأكثر التبايع إنما يكون في هذه الدائرة التي لايجري فيها ربا البيوع .
**** وكذلك داخل الأموال غير الربوية وهي كل الأموال غير الأموال الربوية ، كالخام والطابوق والسيارات والفاكهة وغيرها ، كلها لا يشترط بينها ، التماثل ولا التقابض .
&&& ويرد سؤال : هل هناك أموال نضيفها على الأموال الربوية أم هي مقصورة على هذه الأصناف الستة ؟ هناك أقوال عدة لأهل العلم : ***1 – مذهب الظاهرية أنها الأصناف الستة فقط ( الذهب ، الفضة ، البر ، الشعير ، التمر ، الملح ) ***2 – قال بعض العلماء كل ما يجري فيه الكيل يضاف إلى الأصناف الأربعة البر الشعير والتمر والملح ، وقال بعضهم ما يجري فيه الوزن ، وقال غيرهم كل مطعوم . *** 3 – وبعضهم كالأحناف زاد فقال كل خارج من الأرض . ***4 – ومنهم من قال مجموع الكيل أو الوزن مع كونها مطعومة ، فيدخل هنا في المجموعة ب : الأرز والفول والعدس والذرة والسكر والعسل والحليب ، فهي مكيلة أو موزونة مطعومة .
أما علة جريان الربا في المجموعة ( أ ) فهي الثمنية ، فكون الذهب والفضة أثمانا للأشياء أجرى فيها الربا ، ولذا قيل إن الأوراق النقدية أيضا أثمان فيجري فيها الربا ، وهذا هو الصحيح ، وقد اتفق عامة فقهاء العصر على أن الأوراق النقدية ، تقاس على الذهب والفضة ، وتجري عليها أحكامها في الزكاة والربا ، وهذا هو الصحيح الذي لا يستقيم سواه .
*** وأحكام ربا البيوع ، مأخوذة من حديث أبي سعيد الخدري ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" الذهب بالذهب والفضة بالفضة والبر بالبر والشعير بالشعير والتمر بالتمر والملح بالملح مثلا بمثل سواء بسواء فمن زاد أو استزاد فقد أربى " وفي رواية " فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدا بيد "، رواه البخاري هذا مع اشتراكهم في علة الربا في نفس المجموعة والله أعلم .
**** وهنا قاعدة مهمة جدا في باب الربا وهي : أن الجهل بالتماثل بمنزلة العلم بالتفاضل . وهذا يعني أن قوله صلى الله عليه وسلم :" ... مثلا بمثل سواء بسواء " في البيع بين أفراد الصنف الواحد ، أن جهلنا بكونهما متساويين ، هو كعلمنا بتفاضلهما . ونذكر بعض الأمثلة : &&& المثال الأول : بيع الحب المشتد في سنبله بجنسه لا يجوز . &&&المثال الثاني : بيع الرطب باليابس من جنسه ( المزابنة ) لا يجوز . ومثاله بيع التمر بالرطب ، والزبيب بالعنب ، فلا يجوز حتى عند التماثل ، لأنهما في الحقيقة تماثل في الظاهر ، ولكنها غير متماثلين ، فأحدهما معه من غير جنسه عندما يكون رطبا ، فإن معه الماء . &&&المثال الثالث : بيع اللحم باللحم بعظمه لا يجوز ، وقد ورد النهي عن بيع الحيوان باللحم لهذا السبب . ذلك أن وجود العظم يؤدي إلى عدم العلم بالتماثل ، وكذا الرطب باليابس ، فلا يعلم تساويهما ، فهو كعلمنا بتفاضلهما ، وحتى لو قلنا نزيد العنب قليلا فلا سبيل لمعرفة التماثل بالضبط . && ولكن هنا استثناء مهم ، وهو استثناء بيع التمر بالرطب فقط ، حيث كان التمر هو القوت الأساسي في زمن النبوة ، كما قالت عائشــــــــة رضي الله عنها : ( والله يا ابن أختى ! إن كنا لننظر إلى الهلال ، ثم الهلال ، ثم الهلال ؛ ثلاثة أهلة في شهرين ، وما أوقد في أبيات رسول الله نار .قلت :يا خالة ! فما كان يعيشكم ؟ قالت :الأسودان :التمر والماء ، إلا أنه كان لرسول الله جيران من الأنصار ، وكانت لهم منايح ، فكانوا يرسلون إلى رسول الله من ألبانها فيسقيناه ) متفق عليه ، وتأملوا يا أخواني أولئك الرجال الذين كان أكثر طعامهم التمر والماء ، كما ورد في الأثر : (كنت جالساً مع أبي هريرة بأرضه بالعقيق، فأتاه قوم من أهل المدينة على دواب فنزلوا، قال حميد: فقال أبو هريرة: اذهب إلى أمي وقل لها: إن ابنك يقرئك السلام ويقول: أطعمينا شيئاً، قال: فوضعت ثلاثة أقراص من شعير وشيئاً من زيت وملح في صحفة، فوضعتها على رأسي، فحملتها إليهم، فلما وضعته بين أيديهم، كبر أبو هريرة وقال: الحمد لله الذي أشبعنا من الخبز بعد أن لم يكن طعامنا إلا الأسودان؛ التمر والماء، فلم يصب القوم من الطعام شيئاً! فلما انصرفوا قال: يا ابن أخي! أحسن إلى غنمك ، وامسح الرغام عنها، واطلب مراحها، وصل في ناحيتها؟ فإنها من دواب الجنة، والذي نفسي بيده ليوشك أن يأتي على الناس زمان ، تكون الثلة من الغنم، أحب إلى صاحبها من دار مروان ) رواه البخاري في الأدب المفرد ، كيف أن أولئك الرجال الذين كان هذا طعامهم فتحوا الدنيا وملئوها نورا وعلما وهدى . والمقصود أن الرطب أحسن من التمر ، ومن الناس من لديه التمر ويريد الرطب وليس لديه نقود ، فهنا حاجة ماسة للحصول على الرطب وهي حاجة عامة .
فرخصت الشريعة ببيع التمر بالرطب في ما يطلق عليه (العرايا ) ، وهي أن يشترى التمر بالرطب على النخل ، يخرص فيجعل مقابل وزنه تمرا ، بشرطين : الأول : الحاجة فلا تباع لغني ولكن لم يحتاج إلى أكلها رطبا لان النبي صلى الله عليه وسلم إنما رخص بها لاهل الحاجة ، الثاني : أن يكون أقل من خمسة أوسق ، ولا يجوز التفرق قبل القبض أيضا . وفي ذلك ورد حديث سهل بن أبي حثمة قال ( نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ن بيع الثمر بالتمر ورخص في العرايا أن يشتري بخرصها يأكلها أهلها رطبا ) متفق عليه . وعن أبي هريرة ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رخص في بيع العرايا بخرصها فيما دون خمسة أوسق أو في خمسة أوسق ) متفق عليه
وهنا مسالة مشهورة عند الفقهاء ، وهي مسألة ( مد عجوة ودرهم ) ويطلق عليها الفقهاء ( بيع ربوي بجنسه ، ومعهما أو مع أحدهما من غير جنسهما ) ومثاله : يبع مد تمر مثلا ( والمد مقدار من كيل ) ودرهم ، مقابل درهمين يقول العلماء : لم يتميز ما يقابل الدرهم من جميع الدرهمين ، ولا ما يقابل المد ، وإنما الجملة مقابل الجملة ، فلاتحصل المماثلة بين الجنسين ، بما يقابل كل جنس من جنسه . وكذلك يجري هذا الإشكال في : بيع مد عجوة ودرهم بمد عجوة ودرهم ؟ أو كيلو من التمر ودينار ذهب بمثلهما ؟ قال أهل العلم يحرم هذا لانه يدخل في قاعدة الجهل بالتساوي كالعلم بالتفاضل ، وحسما لمادة الربا ، فهو يفتح باب التحايل . وقد ورد في ذلك حديث فضالة أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم بقلاده فيها ذهب ، وخرز اشتراها رجل بتسعة دنانير ، أو سبعة ، فقال صلى الله عليه وسلــم : لاحتى تميز بينهما ، قال : فرده حتى ميز بينهما ) رواه أبو داود ، ولمسلــــم ( أمر بالذهب الذي في القلادة فنزع حده ، ثم قال : الذهب بالذهب وزنا بوزن ) . ولكن يوجد رواية عن الإمام احمد ـ وقد اختارها شيخ الإسلام ـ أن المفرد إذا كان أكثر من الذي معه غيره ، فإن ذلك جائز ، وكذلك إذا كان مع كل واحد منهما من غير جنسه وهذا مذهب أبي حنيفة . وقد سئل شيخ الإسلام عن بيع الاكاديس الإفرنجية بالدراهم الإسلامية ، مع العلم بأن التفاوت بينهما يسير لا يقوم بمؤنة الضرب ، بل فضة هذه الدراهم أكثر ، هل يجوز المقابضة بينهما ؟ أم لا ؟ فأجاب : هذه المقابضة تجوز في أظهر قولي العلماء ، والجواز فيه له مأخذان : بل ثلاثة : أحدهما : إن هذه الفضة معها نحاس ، وتلك فضة خالصة ، والفضة المقرونة بالنحاس أقل ، فإذا بيع مائة درهم من هذه بسبعين مثلا من الدراهم الخالصة فالفضة التي في المائة أقل من سبعين ، فإذا جعل زيادة الفضة بإزاء النحاس جاز على أحد قولي العلماء الذين يجوزون مسالة ( مد عجوة ) كما مذهب أبي حنيفة ، وأحمد في إحدى الروايتين . ثم ذكر حديث القلادة الآنف الذكر و قال : وكذلك إذا لم يعلم مقدار الربوي ، بل يخرص خرصا ، مثل القلادة التي بيعت يوم حنين ، وفيها خرز معلق بذهب ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم ( لاتباع حتى تفصل ) فإن تلك القلادة لما فصلت كان ذهب الخرز أكثر من ذلك الذهب المفرد ، فنهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع هذا بهذا حتى تفصل ، لان الذهب المفرد يجوز أن يكون أنقص من الذهب المقرون ، فيكون قد باع ذهبا بذهب مثله ، وزيادة خرز ، وهذا لا يجوز . وإذا علم المأخذ ، فإذا كان المقصود ببيع دراهم بدراهم مثلها ، وكان المفرد أكثر من المخلوط ، كما في الدراهم الخالصة بالمغشوشة ، بحيث تكون الزيادة في مقابلة الخلط ، لم يكن في هذا من مفسدة الربا شيء ، إذ ليس المقصود بيع دراهم بدراهم أكثر منها ، ولا هو بما يحتمل أن يكون فيه ذلك فيجوز التفاوت ) مجموع الفتاوى 29/454
سابعا : الشركات
لعل من أهم مظاهر الاقتصاد العالمي المعاصر هو الشركات ، وللعولمة علاقة وطيدة بالشركات ، ذلك أن العولمة ـ كما يقال ـ ماهي إلا مائة شركة أمريكية وغربية عملاقة ، تريد أن توحد السوق العالمي ، وتدخل أسواق العالم ، بعد أن تحطم العوائق المحلية ، تحت قانون دولية يسمى منظمة التجارة الدولية ، ولهذا فإن العولمة ، ما هي إلا استيلاء الشركات الكبرى على أسواق العالم ، وضمان بقاء الشمال الغني ثريا ، وبقاء الجنوب الفقير فقيرا ، ولهذا تقوم المظاهرات الكثيرة ضد العولمة في العالم الغربي .
والذي يهمنا هنا ، هو الشركات في الاقتصاد الإسلامي ، وهي تنقسم إلى خمسة أقسام : 1 – العنان 2 – المضاربة 3 – الوجوه 4 – الأبدان 5 – المفاوضة ومن الممكن أن تجتمع هذه الأنواع كلها في شركة واحدة ، كحال الشركات العملاقة .
*** أولا : شركة العنان حيث يضع كل من الطرفين مالهما والعمل يكون أيضا بينهما ، فهي شراكة كاملة ، مثل أن يضع أحد الشريكين ، ألف دينار ، والآخر مثله ، والعمل عليهما معا .
ولها شروط هي : 1 – أن يكون رأس المال عند الحنابلة من النقدين ، وفي قول لا يشترط هذا وهو الصحيح ، فإن كان لدي عين وغيري لديه مثلها صح أن نجعلها رأس مال ونشترك في العمل معا. 2 – أن يكون كل من المالين معلوما فلا تصح بمجهول . 3 – أن يكون حاضرا لا بالذمة أو الدين . 4 – أن يكون الربح بينهما بنسبة معلومة من الربح لا من رأس المال . فلو قال أحدهما أريد 100 دينار شهريا مثلا لم يصح ، وقد ذكر ابن المنذر الإجماع على أنه لا يصح أن يشترط أحدهما دراهم معلومة .
*** شركة المضاربة : ويعرفونها بأنها دفع نقد معلوم لمن يتجر به بجزء مشاع معلوم من ربحه ، وهذا يعني أن راس المال من طرف ، والعمل من طرف آخر ، ويكون الربح بينهم وفق ما يتفقان عليه . ***والفرق بين البنك الإسلامي والبنك الربوي أن البنك الإسلامي قائم على أساس شركة المضاربة ، بينما يقوم البنك الربوي على أساس ربا الديون .
*** وشروط شركة المضاربة ( حيث المال من طرف والعمل من الآخر ) : ***1 – أن يكون رأس المال من النقدين ( والصحيح أنه لا يشترط ) . ***2ـ وأن يكون راس المال معلوما . ***3 – أن يكون الربح معلوما بينهما بالنسبة بحسب الاتفاق ، كأن يكــون20% من الربح للعامل ، و80% لصاحب رأس المال على سبيل المثال. وما اتفقا عليه من النسبة من الربح ، يلزمهما . ***والبنك الإسلامي قائم على أن المساهمين في حساب التوفير شركاء معه في شركة المضاربة ، عليه العمل ، وعليهم المال ، ثم في نهاية العام ينقسم الربح بينهما ، وفق ما اتفقا ، وكل بحسب ما شارك به . ***فالبنك الإسلامي مضارب يعطي النسبة من الربح ، لا من رأس المال كالبنك الربوي ، فإن لم يربح ، فإنه لا يوزع شيئا على المساهمين . **وهكذا التجارة لا تخلو من مخاطر ، فإن قيل : فكيف يتقي البنك الإسلامي خطر الخسائر ، وفقدان العملاء ، والجواب : أنه كما أنك إذا أردت أن تختار موظفا لديك ، تختاره نشيطا ذكيا لديه خبرة وعلم ، فكذلك تختار البنك الإسلامي ، الذي لديه مشاريع كثيرة فإن خسر في أحدها عوض من الآخر ، ولهذا فمن النادر جدا خسارة البنك صاحب الرأسمال الكبير ، إلا بحدوث كارثة عامة كالغزو الخارجي ، أو الزلزال ، وهنا يخسر الجميع سواء البنك الربوي أو الإسلامي . &&& ولنضرب مثلا يفرق بين تقاسم الربح منسوبا إلى رأس المال كما تفعل البنوك الربوية ، وتقاسمه منسوبا إلى الأرباح ، فشركة هبتكو مثلا ، كتب في العقد أنهم يعطون نسبة من رأس المال ، وهذا حرام مجمع عليه ، ولكن قد خدع بعض الناس بكونهم يعطون نسبة ، وقالوا أن النسبة تجوز ، ولكن النسبة هنا إنما هي من رأس المال ، فهي مبالغ محددة . &&&وقد يقول قائل إن المضارب قد يكذب علي في قدر الربح فينقص ربحي ، بينما إذا اتفقت معه على مبلغ معين من المال ضمنت حقي ، فنقول : أنت بنيت هذا الاحتمال على كسلك وخمولك ، فتريد مالا بدون عمل ، أما أحكام الشريعة ، فهي : إما أن تثق بالمضارب ، أو تتابعه وتتأكد من صحة ربحك . أو تعطي العمال أجرة شهرية فهم في هذه الحالة أجراء عندك ، والأموال كلها لك ، أو تأخذ نسبة من أموال المضاربة ، وغير هذا لا يجوز . &&&فإن قال قائل : فأنا أريد أن أؤجر المحل للعمال بأجرة فهذا على احتماليــــــــن : ***الأول : أن عقد الإجارة يقع على الرخصة وهذا لا يجوز ، لان الرخصة كفالة ، وتأجير الكفالة لا يجوز . *** الثاني : أن تشتري لهم معدات وتؤجرها عليهم بسعر السوق ، ففي هذه الحالة ، لا توجد حيلة ، ولا يجوز أن يوضع في الاعتبار حين الاتفاق على عقد الإجارة ، وجود الرخصة التجارية ، وهذا هو المخرج الشرعي . &&& مثال : أن أشتري حافلة (باص) ، وأقول للسائق : أؤاجرك هذا الباص بمائتي دينار ، واعمل عليه كما شئت ، فهنا أصبح الباص عينا مؤجرة ، والعقد عقد إجارة لا مضاربة ، بشرط ألا تكون ثمة حيلة ، فتكون أجرة الباص في السوق 50 دينارا مثلا ، وأنت أجرت عليه بمائة وخمسين ، وباقي المبلغ مقابل الكفالة أو الإقامة ، فهذا لا يجوز ، فالشرط أن تكون أجرته مماثلة لمثله في السوق ، فإما أن تجعل العمال أجراء عندك ، أو تجعلها شركة مضاربة إذا وثقت فيهم .
*** شركة الوجوه : ويعرف العلماء هذا النوع بأن يشترك اثنان لامال لهما في ربح ما يشتريان من الناس بذممهما ، أي بجاههما وثقة التجار فيهما ، من غير أن يكون لهما رأس مال ، إذن هذه شركة لمن ليس لديهم مال حاضر ، ولكن لهم مكانة ووجاهة وثقة بين الناس ، فهم يستطيعون أن يشتروا بوجوههم بالأجل بثقة الناس بهم ، فيشترون بضاعة إلى أجل سويا ثم يبيعونها سويا ، ويردون الدين إلى أصحابه ، ويصبح الربح لهم .
*** شركة الأبدان : ويعرفها العلماء بأن يشتركا فيما يتملكان بأبدانها من المباح ، كالحشيش ، والاحتطاب ، والاصطياد ، وهذا النوع من الشركات ليس فيه رأس مال ، فكلاهما يعمل من كسب يده ، كصيادي سمك على سبيل المثال ، يذهبان سويا وما يصيدانه يضعانه سويا ، ثم يقسمانه فيما بينهما أو يبيعانه ويقتسمان الثمن.
*** شركة المفاوضة : وهي أن يفوض كل من الشريكين الآخر بأن يبيع ويشتري ويتصرف في سائر المعاوضات في رأس المال ، وتقبل ما يرى من الأعمال ، وهي يمكن أن تسري أيضا في الشركات كلها . فشركة العنان قد يكون فيها مفاوضة ، وكذلك سائر الشركات السابقة .
*** والأصل أن أنواع الشركات أربع ( مضاربة ، وجوه ، عنان ، أبدان ) وقد يكون بين الشريكين عدة أنواع من الشركات فلا إشكال في ذلك ، فقد يكون بينهما عنان ومضاربة ، بأن يضع أحدهم ألفي دينار ، ويضع الآخر ألفا وعليه العمل ، وقد أصبحا شريكين بالعنان والمضاربة ، وهذا جائز لا إشكال فيه .
** وقد تجتمع الأنواع الأربعة في شركة واحدة عملاقة ، ويمكن ضبط كل المعاملات بالحاسوب ، والمقصود أنها مهما اختلطت ومهما تداخلت ، فلا إشكال فيها ، فما لم تتضمن عقودا وشروطا تخالف الشرع فهي مباحة ، والأصل في المعاملات الإباحة . | |
|
المديرالمؤسس المدير
الجنس : عدد المساهمات : 207 نقاط : 5563 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 30/12/2010 العمر : 52 الموقع : اليمن - إب - تـ (777464255)(714055861)
| موضوع: رد: تيسير بعض أحكام البيوع والمعاملات المالية المعاصرة الأربعاء 30 نوفمبر 2011 - 2:56 | |
| ثامنا : البنوك الإسلامية :
***الاقتصاد الإسلامي في عامته حديث عن البنوك الإسلامية ، عن أهدافها ومصادر الأموال فيها ، وعن الخدمات التي تقدمها والأحكام الشرعية المتعلقة بذلك . ***وأصل فكرة البنوك مستوردة من غير المسلمين ، ولا آتي بجديد إن قلت إنك لو فتحت المصادر الفقهية كالمغني وروضة الطالبين والهداية والمدونة ، فلن تجد حديثا عن المصارف أو البنوك. ***غير أن المسلمين حين رأوا غيرهم ، قد أسسوا مصارف وأنها تؤدي أعمالا وخدمات ضرورية للناس ، أدركوا أن وجود بديل إسلامي للمصارف ، ضرورة لابد منها ، وذلك بأن نأخذ هذه الفكرة التي أحدثها غير المسلمين ، ونجعل منها صورة إسلامية . *** فإن قال قائل : ألا يكون هذا من قبيل التشبه بالكفار ، فالجواب أن اتخاذ وسائل التعامل وتنظيم الحياة ، إن لم يكن لها علاقة بالعقيدة ولا كانت شعارا للكفار يميزهم عن غيرهم ، بحيث من فعله ، يكون متشبها بهم ، بل كانت شأنا عام ينظم الحياة ، ويدير شؤون الناس ، عند الكفار وغيرهم ، فإن فعله ليس من قبيل التشبه بالكفار ، والنبي صلى الله عليه وأصحابه ، سلكوا وسائل كثيرة كانت تستعمل عند غير المسلمين ، سلكوها لتحقيق أهداف الإسلام ، فلاحرج في ذلك ، لانه ليس من قبيل التشبه بالكفار المحرم في شريعتنا .
*** ولنبدأ بالحديث عن أهداف البنوك الإسلامية : ***أهداف البنوك الإسلامية ليست تقديم الخدمات فقط ، بل أعمق من ذلك بكثير ، وبعضها مرتبط بالعقيدة ، وأهم أهدافها هدفان :
***أحدهما : التخلص من التبعية الاقتصادية لغير المسلمين . وهذا الهدف هدف أسمى للاقتصاد الإسلامي ، ذلك أن المعاملات المصرفية ، ونظام النقد ، إذا صارت مقاليده بيد غير المسلمين ، أدى ذلك إلى استعباد الأمة . ذلك أن الاقتصاد في هذا العصر قد يدمر الدول والمجتمعات ، ويهدد الأمن والاستقرار ، وقد يؤدي إلى سحب رؤوس الأموال من بنوك الدولة فتنهار ، وقد يؤدي بالدولة إلى أن تصبح مقاليدها السياسية ليست بيدها ، وتخضع تشريعاتها بل عقيدتها لمن يسيطر على اقتصادها ، من هنا لابد من إيجاد بنوك إسلامية عملاقة ، تدير الاقتصاد في بلاد المسلمين ، وتخلصنا من التبعية . هذه هي الفكرة الأساسية لهذا الهدف ، ويتفرع منه ثلاثة فروع : ***أولا : في المعاملات المصرفية . من المهم إنشاء بنوك في الدول الإسلامية ، تقوم بالمعاملات المصرفية فيما بين المسلمين ، وتؤدي الخدمات التي تحتاجها الشعوب الإسلامية ، مثل إرسال أموال للخارج أو استقبال أموال ، أو فتح اعتمادات للتجار ، وأحيانا تكون صفقات كبيرة ، فإن لم يكن هناك بنوك إسلامية فسوف يضطر المسلمون إلى أن يفتح غير المسلمين فروعا عندهم ، وحينها يصبح النظام المصرفي كله مقيدا بمعاملات غير المسلمين المصرفية ، وهذا خطر يجب تجنبه .
*** ثانيا : في شؤون النقد : لا يخفى أن كثيرا منا يتساءل كيف أصبح الدولار أقوى عملة في العالم ، والجواب : أن ذلك بسبب تبعيتنا نحن في نظام النقد العالمي ، وإلا فالواجب أن يسعى المسلمون لتكون ثمة عملة إسلامية عالمية أقوى من الدولار ، أو تنافسه على الأقل .
*** ثالثا : رؤوس الأموال . من أهداف البنك الإسلامي توجيه رؤوس الأموال الإسلامية إلى داخل البلاد الإسلامية واستثمارها فيها ، وإدارتها بأيد إسلامية .
الثاني من أهداف البنوك الإسلامية : جمع و استثمار رؤوس الأموال . وذلك من خلال هذه القنوات :
*** أ - الحث على الادخار ، فالبنك الإسلامي يدعو أصحاب الأموال ، للاستثمار في المشاريع طويلة الأجل ، لينتفع بها اقتصاد الدول الإسلامية .
*** ب – الحد من التضخم ، ويحدث التضخم عندما تضعف العملة ، أي أن العملة لا توازي القيمة الشرائية داخل البلد ، فالبنوك الإسلامية ، لا تلجأ إلى خلق نقود دون مقابل ، لأنها إنما تقوم على استثمار ما لديها من الودائع دون إثراء غير مشروع ، بينما تقوم البنوك التجارية بفتح اعتمادات يسحبون عليها ، ويستفيد البنك الربوي من أضعاف المبالغ المودعة لديه ، وهذا الإنفاق الذي لا يقابله إنتاج يزيد حجم المتداول من النقد دون مقابل من السلع أو الخدمات ، ونتيجة هذا هو إرتفاع الأسعار ، ويحصل التضخم النقدي ، فالبنوك الإسلامي من أهدافها القضاء على هذه المظاهر .
*** ج – تشجيع المعاملات التجارية المباشرة بين الدول الإسلامية ، وبذلك لا تتدخل فيها بنوك عالمية غير إسلامية ، وتتحرر التجارة ويسهل التبادل ، ونقول مع الأسف الشديد إن هذه الهدف قد بدأ في أوروبا والغرب ، لا في الدول الإسلامية .
*** د – التمويل الاستثماري ، يعني أن التاجر الذي يريد مالا يفتح به مشاريع استثمارية بطرق شرعية ، يوفر له البنك هذا المال كي لا يتوجه للبنوك الربوية ويقع في الربا .
*** هـ - جمع الزكاة وتوزيعها ، ويستفيد من الزكاة التي يجمعها فيستثمر ويستفيد في هذا الجزء المهم من الاقتصاد الإسلامي .
هذه هي مجمل أهداف البنوك الإسلامية ، وإذا لم تحقق هذه الأهداف تكون قد فشلت فشلا ذريعا وتحولت إلى ظاهرة شكلية تؤدي دورا ثانويا خاليا من المضمون .
مصادر الأموال الإسلامية في البنوك الإسلامية : تنقسم مصادر الأموال في البنوك الإسلامي إلى قسمين :
***1 – مصادر داخلية . وهي رأس مال البنك ، والفرق بين البنك الإسلامي ، أن أصحاب رأس المال شركاء وليسوا دائنين للبنك في حالة البنك الإسلامي ، بينما هم دائنون للبنك في حالة البنك الربوي . والمصدر الداخلي الثاني هو : الأموال المحتجزة من الأرباح (الاحتياطات) . وذلك أنه يحق للبنك أن يحجز الأرباح ليحمي رأس المال ، فلو كان ثمة أرباح وحصلت خسارة فيما بعد ، فإن الخسارة تغطى بالأرباح ، وهذا يكون باتفاق منذ البداية بين البنك والعميل ، ولدينا في الفقه الإسلامي في شركة المضاربة ، لا يأخذ المضارب الربح حتى يأذن رب المال لأنه قد يجعل الربح في ضمان رأس المال بسبب الخسارة التي قد تحدث .
***2 – مصادر خارجية : *** أولا ـ الودائع . أكبر مصدر خارجي هو الودائع ، فالبنك الإسلامي ، عامة أمواله ودائع للناس ، وهناك أنواع منها : أ – الوديعة الاستثمارية : وهي حساب التوفير . ب – الوديعة تحت الطلب : وهي الحساب الجاري . ج – الوديعة الادخارية : وهي أن تضع أموالك عندهم لفترة زمنية طويلة ، فتدخرها وتأخذ عليها أرباحا . د – وديعة المستندات : تضع عندهم مستندات ويأخذون عليك أجرة .
و لعل أكثر أموال البنك من الودائع التي وضعها الناس عنده ويتاجر بها في السوق .
*** ثانيا ـ الهبات والتبرعات .
***الخدمات التي يقدمها البنك الإسلامي وأحكامها الشرعية : عامة المعاملات التي تؤديها البنوك الإسلامية ، تدور حول هذه العقود : الإجارة ، الشركة ، القرض ، الضمان ، الوكالة ، الوديعة ، والحوالة . وبعض المعاملات تتركب من اثنتين أو ثلاث أو أربع من هذه العقود . ووظيفة الهيئة الشرعية في البنك أن تخرج الخدمات والمعاملات التي يقدمها البنك الإسلامي تخريجا شرعيا ضمن هذه العقود السبعة ،وربما غيرها أيضا ، بشرط أن لا يكون فيها تحايل ، ولهذا أبدى بعض العلماء رأيا وجيها هو ضرورة أن تستقل الرقابة الشرعية للبنوك الإسلامية عن إدارة البنك حتى لا تلجأ إلى الحيل لإباحة ما هو محرم .
*** وهذه أحكام بعض المعاملات التي تؤديها البنوك الإسلامية : &&& 1 – حفظ الودائع ، فالبنك الإسلامي يحفظ أموال المشتركين كودائع ويعطيهم أرباحا عليها إن كانت ودائع استثمارية ، وله أن يأخذ أيضا أجرة على حفظ الأموال إن كان المقصود منها الإيداع لمجرد حفظها . ولكن لا يجوز للبنك أن يعطي فوائد ثابتة على الوديعة ، ولكن يأخذ أجرة على ما يقوم به من خدمات مصرفية .
&&& 2 – المعاملات المصرفيـــــــة ، ومن أهم ما يسأل عنها الناس هذه الأيام :
( بطاقة الائتمان ) وهي بطاقة تسديد المدفوعات ، ويوجد 200 بنك في العالم في أكثر من 163 دول تصدر بطاقة الائتمان . والإشكال الذي في هذه البطاقة أن البنك يأخذ من التاجر حسما من الفاتورة عند شراء العميل من التاجر ، وهذا الحسم ظاهره أنه فائدة ربوية مقابل إقراض البنك العميل لحامل البطاقة ، وهذا الإقراض ربا ، والبنوك الربوية تأخذ فوق هذا رسوم تأخير فيما لو تأخر استرداد القرض من العميل مع الفوائد طبعا . وهذا الإقراض معجل بمعنى أن البنك يأخذ الفائدة من التاجر فورا ، ثم يسترد دينه من العميل بعد ذلك . ويقول بعض العلماء لسان حال البنك أنه يقول للتاجر ( لا تكن أيها التاجر شريكا في البيع على حاملي البطاقة إلا بشرط أن تدفع عنه فائدة القرض ، ولسان حال حاملها يقول للتاجر ، أنا أشتري منك وأحيلك بالثمن على البنك ، بشرط أن تدفع فائدة القرض للبنك ) . والإشكال الثاني أنك عندما تسحب من حسابك نقدا من بنك آخر ، فإن يخصم عليك فائدة قدرها 4% وهي فائدة على القرض . فإن قيل فكيف يصدر البنك الإسلامي هذه البطاقة ، وكيف يسمح باستعمالها ، فالجواب أنهم يقولون إننا لا نسمح له بالسحب من بنكنا نقدا ، وأما حسم التاجر فهو عمولة مقابل منفعة تسهيل المعاملات بواسطة هذه البطاقة . فأما البنوك الربوية فبطاقة الائتمان محرمة لأنها ربا صريح ، وأما البنك الإسلامي فلا يخلو الأمر من شبهة والله اعلم .
&&& – بيع الأسهم والسندات . ما هو الفرق بين الأسهم والسندات ؟ السهم هو حصة في رأس مال الشركة أي تشتري جزءا من الشركة ، فتملك منها على قدر ما تملك من الأسهم ، فإن كان مصنعا ملكت جزءا من المصنع . أما السندات فهي دين لك على الشركة ، وهو صك يتضمن تعهدا من البنك لحامله بسداد مبلغ في تاريخ معين بفائدة غالبا . ولتوضيح ذلك نذكر هذا المثال : & قد تحتاج شركة إلى مبلغ من المال لتمويل مشاريعها ، ونظرا لأنها لا تملك رصيدا من المال فإنها تلجأ إلى حيلة ، فتصدر سندات بالمبلغ الذي تحتاج إليه ، وتعرض هذه السندات على الجمهور لشرائها ، ويكون لكل سند فائدة ، فإذا مضت المدة ردت إليه قيمة سنداته ، واستفادة الحصول على المال . وبيع الأسهم جائز بثلاثة شروط : أ – أن تكون الأسهم في شركة حقيقية لا وهمية ، ومعلومة . ب – أن لا تشتمل معاملات الشركة على غرر أو تدليس أو غش أو جهالة . ج – أن لا يكون نشاطها في تجارة محرمة كالبنوك الربوية أو معامل الخمر أو شركات السينما .
والبنوك الربوية تتعامل ببيع السندات لكن البنوك الإسلامية حظرت ذلك ، فإصدارها من أول الأمر عمل غير شرعي ، والتبايع فيها لا يجوز أيضا ، ولا يصح لحامل السند بيعه . &&&4 – خطابات الضمان : وهو أن يتعهد البنك بقبول دفع مبلغ معين لدى الطلب إلى المستفيد ( صاحب البضاعة الذي يريد أن يبيعها من بلد آخر مثلا ) نيابة عن طالب الضمـــــان ( التاجر في البلد الذي يريد استيراد البضاعة ويطلب من البنك خطاب ضمان لكي يطمئن ذلك التاجر المصدر إلى التعامل معه ) ، وهو نوع من التأمين النقدي ، وضمان جدية كل طرف . والسؤال هو : عندما يمنح البنك الإسلامي خطابا لتاجر على أن البنك يضمنه ، فهل يجوز للبنك أخذ مقابل لهذا ؟ من العلماء من قال يجوز لأنه يقدم خدمة للعميل فيأخذ عمولة عليها ، ولكن الحقيقة أن خطاب الضمان هو محض إحسان لا يجوز أخذ الأجرة عليه . هذا إذا كان خطاب الضمان غير مغطى ، بمعنى أن طالب الضمان لم يضع في البنك رصيدا يغطي المبلغ الذي طلب الضمان عليه ، أما إذا وضع ذلك ، وأخذ البنك مبلغا مقابل خدماته فقط ، فهذا يجوز ، لان البنك لم يأخذ مقابل قرض أعطاه لطالب الضمان .
&&&5 – فتح الاعتمادات المستندية : والاعتماد المستندي هو أن يقوم البنك بدفع مبالغ نقدية لمصدر البضاعة بناء على طلب العميل ، فهو إذن وسيلة لتنفيذ الوفاء بالثمن بين البائع والمشتري . فإن كان البنك يدفع من ماله كأنه يقرض العميل ، ثم يأخذ منه بعد ذلك ويزيد فائدة فهذا هو الربا بعينه ، وإن كان يأخذ مقابل ما قام به من خدمات من الاتصال بين الطرفين وتسهيل وصول البضاعة ، فأخذ الأجرة على ذلك جائز ، ولكن الإشكال فيما لو كان المبلغ الذي يعطيه البنك للتاجر في الخارج ( مثلا ) نيابة عن العميل ، غير مغطى من العميل ، بمعنى أن العميل لم يضع عند البنك رصيدا ، ثم يقول البنك أنه أخذ عمولة أتعاب ، ولكنه في الحقيقة يجعل دفع العمولة حيلة على أخذ فائدة على الربا ، ونقول الضابط هنا هو : اعتبار ذلك بأجره المثل ، فإذا كانت تلك الأتعاب و الخدمات ، أجرة مثلها تلك العمولة التي يأخذها البنك كان بها وإلا فلا يجوز والله أعلم .
&&&6 – بيع العملات : إذا تعامل البنك الإسلامي بالعملات ، يجب عليه أن يراعي شرط التقابض عند التبايع بين العملتين حتى لا يقع في ربا النسيئة .
&&&7 – التحويلات : ويجوز للبنك الإسلامي أن يأخذ عمولة على التحويلات وذلك مقابل الخدمات ، التي يقدمها ، ويستفيد كذلك ربح التجارة في العملة عند التحويل إلى الخارج بعملة مختلفة .
&&& 8 – الشيكات والكمبيالات والسند الإذني : ــــــــــــــــــــــــــ ** الشيك ، هو أمر من العميل إلى المصرف ليدفع إلى شخص ثالث المبلغ المدون في الشيك من حسابه الجاري . ** أما الكمبيالة فهي مثل الشيك ولكن الكمبيالة قد لا يكون السحب من بنك ، بل من غيره ، كما أن الشيك أمر بالدفع في الحال ، أما الكمبيالة ففي وقت معين. ** أم السند الإذني فهو يكون بين اثنين يكتب فيه أن عليه دين لفلان ويتعهد بدفع مبلغ وقدره كذا في تاريخ معين ، فالسند الإذني هو بين اثنين ولا يوجد بنك هنا . ويتفق السند الإذني مع الكمبيالة في أن السداد في تاريخ معين ، ولكن السند الإذني لا يوجد بنك ، والكمبيالة يوجد . ويتفق الشيك والكمبيالة في وجود طرف ثالث يصرف ، ولكن في الكمبيالة قد يكون البنك وقد يكون غيره ، وفرق أخر أن الشيك يصرف فورا . ومثاله أن يأتي البنك الربوي ويقول لمن عنده شيك ب 60 ألف مثلا ، خذ 50 ألفا معجلة ، وأنا أحصل الشيك ويكون الباقي لي ، وقد يقول البنك الإسلامي لماذا لا أمارس عملية خصم الأوراق التجارية كالكمبيالات والسندات الإذنية والشيكات ، وهذا لا يجوز للبنك الإسلامي التعامـــل فيه، لانه ليس سوى حيلة على أكل الربا . ولكن لو فرضنا أن الشيك أو السندات التجارية على البنك الإسلامي نفسه ، فهل يجوز له أن يعجل السداد مقابل أن يسقط العميل بعض الدين ، والأصح أنها هذا جائز ، لأنه من الصلح عن المؤجل ببعضه حالا ، أو ( ضع وتعجل ) . وأما إن كان على غير البنك ، فلا يجوز للبنك أن يمارس عملية خصم الأوراق التجارية ، لان ذلك من الربا . ويجوز للبنك أن أخذ عمولة على تحصيل الأوراق التجارية ، بمعنى أن يقوم نيابة عن العملاء الذين يريدون تحصيل أموالهم ، بأتعاب المتابعة وإرسال الإخطارات والإشعارات بالسداد .. إلى آخره ، ويجب أن تكون هذه العمولة تناسب الجهد المبذول ، بمعنى أن تكون بأجرة المثل .
تاسعا : أحكام بعض العقود والبيوع المعاصرة
***عقد التأميـن : عقد التأمين التجاري ، من عقود الغرر ، وهو عقد محرم لاشتماله على غرر كثير ، وقد ( نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع الغرر ) رواه مسلم من حديث أبى هريرة رضي الله عنه ، لان العميل لا يدري هل سيقع له حادث ، فيأخذ اكثر مما أعطى الشركة ، أم يذهب عليه ماله سدى لأنه لم يقع عليه حادث ، وهذا غرر كبير يوجب تحريم العقد . وقال بعض الناس إنه جائز واستدلوا بأن الأصل الإباحة ، والشركة هنا تأخذ مقابل الضمان ، مثل رجل يقول لآخر أسلك هذا الطريق ، فإن حدث لك مكروه فأنا أضمن لك ، فعليه الضمان ، وقيل إن هذا هو مذهب الحنفية : والرد عليهم : إن هذا ليس مذهب الحنفية ، بل الحنفية يضمنون إذا كان السبب في هلاك ماله بأن غره حتى سلك الطريق المخوف . وأن الضمان في الشريعة الإسلامية إنما يكون بهذه الأسباب : 1ـ العدوان 2ـ التسبب بالإتلاف ( حفر بئر في طريق الناس ) 3ـ وضع اليد التي ليست مؤتمنة سواء عادية مثل يد الغاصب أو ليست عادية مثل يد البائع ، فالمبيع يبقى بيد البائع يضمنه ، والمقصود بـ "ليست مؤتمنة" هنا أي ليس لها حكم الأمانة ، وليس معناه أنها خائنة ، حيث الأمانة غير مضمونة بيد الأمين ما لم يفرط 4ـ الكفالة . وفي التأمين تلتزم الشركة بالتعويض بغير هذه الطرق الأربعة ، وإنما بعقد الغرر الذي وقعته مع العميل ، فهذا لا يجوز . وقد وضع العلماء له بديلا هو التأمين التعاوني .
*** فما هو التأمين التعاوني : هو أن يجتمع عدة أشخاص معرضين لأخطار متشابهة ويدفع كل منهم اشتراكا معينا وتخصص هذه الاشتراكات لأداء التعويض المستحق لمن يصيبه الضرر . وهنا أمر مهم وهو : أنه إذا زادت الاشتراكات على ما صرف من تعويض كان للأعضاء حق استردادها ، وإذا نقصت طولب الأعضاء باشتراك إضافي لتغطية العجز ، والهدف هو التعاون على تحمل المصيبة . وهو جائز لأنه قائم على مبدأ التكافل وليس بيع الغرر . ***التسعير : ـــــــ قال ابن القيم ( التسعير منه ما هو محرم ، ومنه ما هو عدل جائز ، فإذا تضمن ظلم الناس وإكراههم بغير حق على البيع بشيء لا يرضونه ، أو منعهم مما أباح الله لهم ، فهو حرام ، وإذا تضمن العدل بين الناس ، مثل إكراههم على المعاوضة ، بثمن المثل ومنعهم ممــــا يحرم عليهم من اخذ الزيادة على ثمن المثل فهو جائز بل واجب ) .
*** بيع السفتجة : السفتجة هي أن يعطي مالا لآخر بشرط القضاء في بلد آخر . ولها ثلاث صور : الصورة الأولى : أن يعطي الرجل مالا لشخص دينا ، لكي يسدد الدين إلى ثالث في بلد آخر ، ففي هذه الحالة المسافر أخذ الدين . الصورة الثانية : المسافر يعطي الدين ، ويأخذ بدله في بلد آخر من طرف ثالث ، لأنه يخاف من وجود المال معه بالطريق . الصورة الثالثة : لا يوجد طرف ثالث وإنما يأخذ من نفس الذي أعطاه في بلد آخر . وقد اختلف العلماء في حكمها ، فقيل إنها لا تجوز لأنها قرض جر نفعا ، الصحيح أنها جائزة لان النفع هنا ليس زيادة مال .
*** بيع الدين : بيع الدين له صورتان : الصورة الأولى: أن يكون على شخص دين قدره ألف دينار مثلا ، فيتفقان مع الدائن على أن يأخذ بدله سيارة مثلا حاضرا ، فهذا جائز لا إشكال فيه . أفتى بذلك شيخ الإسلام ابن تيمية واستدل بحديث ( أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت : إني أبيع الإبل بالبقيع ، فأبيع بالدنانير ، وآخذ مكانها الدراهم ، وأبيع بالدراهم وآخذ مكانها الدنانير ، فقال عليه السلام : لا بأس أن تأخذها بسعر يومها ما لم تتفرقا وبينكم شيء ) رواه أحمد وأبو داود . الصورة الثانية : ــــــــ أن يكون على شخص دين قدره ألف دينار مثلا ، فيتفق على أن يأخذ بدله ألفي صاع من البر بعد سنة . فقال الجمهور لا يجوز ، لحديث ( نهى عن بيع الكالئ بالكالئ ) رواه الدارقطني من حديث ابن عمر رضي الله عنهما ، وقالوا أجمع العلماء على تحريم بيع الدين بالدين . وذهب ابن تيمية وابن القيم إلى الجواز ، وقال ابن القيم رحمه الله : ليس في تحريم بيع الدين بالدين نص ولا إجماع ، وإما ورد النهي عن بيع الكالئ بالكالئ ، ومعناه بيع المؤخر بالمؤخر، كما لو أسلم شيئا في الذمة وكلاهما مؤجل .
*** بيع الخلو : وله صور أيضا الصورة الأولى : أن يأخذ المالك بدل الخلو من المستأجر ، لأنه بحاجة إلى المال ليوسع العقار مثلا فهذا جائز لأنه بيع جزء من المنفقة مجردا . الصورة الثانية : أن يأخذ المالك بدل الخلو من المستأجر بسبب أن القوانين تحد من حقه في إيجار عقاره بأجرة المثل ، وتلزمه بتسعيرة جبرية ، أو تحد من حقه في إخلاء الساكن عند نهاية المدة . ويكون أحيانا أن أسعار الأجرة تغيرت بسبب التضخم النقدي للعملة الورقية . فيلجأ المالك لأخذ الخلو ليعوض ، وهذا جائز أيضا لأنه إنما هو جعل لتمكين المستأجر من العقار ، أو هو جزء من المعاوضة على المنفعة ، لكنه جزء منفصل فقط . الصورة الثالثة : العكس ، وهو أن يأخذ المستأجر بدل الخلو من المالك ، وذلك في حالتين : أـ مقابل ترك المستأجر العقار ، لأنه بقي له مدة من العقد فهو يعاوض عليها . ب ـ مقابل أن المستأجر أعطى لمالك سابق الخلو ، فيقول له المالك الجديد أخرج وأنا أعطيك مقابل ما دفعته وخروجك . وهذه معاوضة مشروعة في الحالتين . الصورة الرابعة : أن يأخذ المستأجر بدل الخلو من مستأجر لاحق ، وذلك في حالتين أيضا : أـ أن يكون ثمة بقية في مدة العقد ، فيقول الجديد تنازل لي وأعطيك عوض فهذا جائز . ب ـ أن تكون القوانين تجيز للمستأجر القديم أن يجبر المالك على تجديد العقد كلما انتهى ، فيقول المستأجر الجديد أن مستعد أن أتنازل عن هذا الحق أنني يمكنني إجبار المالك تجديد العقد لي ، وأدع لك العقار مقابل عوض ، مع فهذا لا يجوز ، لأنه عاوض على حق غير شرعي .
*** استفادة البنوك الإسلامية من عقد السلم : السلم هو بيع موصوف في الذمة كما بينا سابقا ، بمعنى أن المشتري يعطي الثمن مقدما ، على أن البائع يأتي بسلعة موصوفة بالذمة غير موجودة الآن ، في وقت يتفقان عليه ، ولابد من تحديد الوقت ، ولابد من تسليم الثمن في مجلس العقد كاملا من غير تأجيل شيء منه . ويستفيد البائع الحصول على تمويل نقدي عاجل ، ويستفيد المشتري انه غالبا يشتري بأقل من السعر في وقت حصول السلعة ، مثلا لو اشترى 100 صاعا من التمر بعقد سلم ، فإنه يحصل عليه بأقل من سعره عندما ينزل السوق في وقته المعتاد . ويشترط أن لا يكون عقد السلم على أمرين يجري بينهما ربا النسيئة ، فلا يجوز بين الذهب والفضة ، أو بين العملات وبعضها ، لأنه يؤدي إلى الربا . والبنوك الإسلامية تجري عقد السلم في أمور ، فما هو حكمها :
الصورة الأولى : أن يشتري البنك الإسلامي سلعا بطريق السلم وتكون أرخص عليه ، فإذا أخذها في الوقت المتفق عليه ، وكل شركة تجارية أن تسوق له السلعة مقابل نسبة من الربح ، ويمكن للتجار أن يتولوا العملية من أولها ، فيدفعون الأثمان المقدمة ، ويقبضون السلعة في وقتها ، ويسوقونها ، مقابل النسبة . وهذا جائز لأنه توكيل مقابل أجر ، وفيه إشكال واحد وهو مسألــة ( قفيز الطحان ) . وهي مسألة مشهورة ، وصورتها أنك تعطي الطحان )كيلو) شعير ليطحنه وتقول له أجرتك هي ربع كيلو منه ، وحرمها بعض العلماء وقالوا ورد حديث ( نهى عن قفيز الطحان ) رواه الدارقطني ولكنه حديث ضعيف ، وقالوا لأنه يحصل استحقاق طحن قدر الأجرة لكل واحد منهما على الآخر ، والصحيح جوازها لعدم الدليل على التحريم .
الصورة الثانية : أن يشتري البنك الإسلامي من تاجر بطريق السلم ، ويوكله في أن يقوم البائع بتسويق البضاعة بنفسه . وهذه مسألة خطيرة لأنها تفتح باب الربا ، ويصير كأنه تمويل بقرض مقابل فائدة ، ويكون عقد السلم صوريا فقط .
الصورة الثالثة : أن البنك الإسلامي يبيع للبائع نفسه بعد تمام الأجل ، بمعنى أنه بعد حلول الوقت المتفق عليه لتسليم البضاعة ، يقول البنك للعميل الذي باعه السلعة ، أبيعها عليك مرة أخرى ، فهذا يجوز ـ مع أنه بيع قبل القبض ـ بشرط أن يكون السعر الجديد يوم التوفية ، بمثل القيمة السابقة أو أقل ، حتى لا يربح المشتري ما لم يضمن ، وهذا الرأي هو اختيار ابن تيميه وابن القيم وهو رواية عن الإمام أحمد ، لأنه في هذه الحالة لا يكون متهما بقرض جر نفعا ، فإن قيل لا يستفيد البنك شيئا إن باع بنفس القيمة السابقة أو أقل ، قلنا : إذن لا يجوز له أن يفتح بابا إلى الربا بالتحايل .
الصورة الرابعة : أن يبيع البنك الإسلامي البضاعة في السلم لطرف ثالث قبل قبضها ، وهذا لا يجوز لورود النهي عنه .
الصورة الخامسة : السلم المتوازي ، وهو أن يقوم البنك الإسلامي ، ببيع طرف ثالث ، غير الذي عقد معه عقد السلم الأول ، يبيع مع هذا الجديد بنفس المسلم فيه في العقد الأول ونفس مواصفاته ، ولكن ليس عين البضاعة الأولى ، ويتسلم الثمن مقدما ، فإذن هو سلم الأول مبلغا ، واستلم من الثاني مبلغا ، ويكون الثاني أعلى حتى يستفيد ، فإذا جاء الأجل استلم البضاعة من الأول ، وأعطاها للثاني ، فهل هذا يجوز ؟؟ لا حرج في ذلك ، لانهما عقدان شرعيان لا يوجد فيهما محظور شرعي . وهنا صورة مهمة ، وهي هل يجوز للبنك الإسلامي أن يحول الديون التي له على بعض العملاء ، ثمنا للسلم ، ويكون في هذه الحالة طبعا الثمن رخيص جدا ، فهذا لا يجوز لأنه بيع الكالئ بالكالئ .
*** الاستصناع : الاستصناع هو أن يطلب طرف من آخر شيئا لم يصنع بعد ، ليصنعه له طبقا لمواصفات محددة بمواد من عند الصانع ، مقابل عوض محدد . والمهم لدينا هو ما يسمى : الاستصناع المتوازي : وهو أن يأتي طرف إلى البنك الإسلامي ، ويعقد معه عقد استصناع ، ثم يذهب البنك إلى المختصين بالصناعة ، ويستصنع نفس الشيء عندهم . فإذا تسلم البنك البضاعة المستصنعة ، سلمها لطالبيها ، فهل هذا يجوز ؟ نعم يجوز ذلك بشرط أن لا يتحول عمل البنك إلى عمل صوري ، بمعنى أن المشتري يقوم بالاستصناع الثاني أيضا ويشرف عليه ويقبض السلعة ، ويكون دور البنك فقط هو التوقيع على الأوراق ، فكأنه أقرض بفائدة بطريق الحيلة .
*** اشتراط الصيانة على المستأجر : ابطل عامة الفقهاء أن يشترط المؤجر على المستأجر أن تكون الصيانة على المستأجر ، واحتجبوا بأن لان جزء من الأجرة مجهول المقدار فلا يصح للجهالة . ولكن قد ورد سؤال وهو : في هذا العصر ، الآلات والمعدات تحتاج إلى صيانة مستمرة ، وقيام البنك الإسلامي بذلك عسير جدا ، فهل هناك مانع من اشتراط البنك عند تأجيرها أن يقوم المستأجر بصيانتها . وأجاب بعض العلماء بأن ذلك يجوز بشرط أن يتفق المؤجر والمستأجر أن يقوم المستأجر بالصيانة وكيلا عن المؤجر على أن يرجع على المؤجر بعد ذلك بالتكاليف ، أو يخصمها من الأجرة .
*** الإجارة المنتهية بالتمليك : صدر قرار هيئة كبار العلماء بتاريخ 6/11/1420هـ ، بأغلبية أعضائها ، أن عقد الإيجار المنتهي بالتمليك غير جائز شرعا ، وعدد أعضاء الهيئة 19عضوا ، وخالف ثلاثة منهم فقط . والإشكال على هذا العقد أنه بيع في الحقيقة وليس إجارة ، وإنما جعل في صورة الإجارة حيلة بقصد استرداد البائع السلعة إن عجز المشتري عن دفع بقية الثمن ، فهما عقدان متضادان في عقد واحد ، لان العقد إن كان بيعا فالعين لا ترجع إلى البائع ، وإن كان إجارة رجعت إليه ، فالحكم متناقض . ولان في هذا العقد يجمع البائع بين العوض والمعوض في حالة انفساخ العقد ، وهذا غير جائز ، لانه يجمع بينهما في حال يكون البائع أخذ أكثر من حقه . وقد قيل إن عقد الإجارة المنتهية بالتمليك ، هو في الحقيقة بيع بالتقسيط ، غير أن هذا لو صح لكان العقد يتضمن شرطا يبطله ، لان معناه أنه بيع مع اشتراط احتفاظ البائع بملكية السلعة ، وهذا يناقض مقتضى العقد ، فهو باطل . كما قيل إنه عقد إجارة مع شرط البيع في نهاية الإجارة ، والجواب على هذا أن نقول ليس هو بيعا حقيقيا بل حيلة لاحتفاظ البائع بالسلعة ، الأمر الذي ينافي مقتضى العقد ، وإنما جعل في صورة الإجارة بشرط البيع فقط ، ولهذا فالبيع لا يكون بسعر السلعة في السوق . وكذا لو قيل إنه عقد إجارة مع شرط الهبة ، لان الهبة هنا لها مقابل في سعر السلعة ، وهذا يجعلها بيعا ، تجري عليها أحكام البيع . والقول نفسه في تخريجها على أنها عقد إجارة مع الوعد بالبيع أو الهبة ،لان الوعد الملزم هنا ليس سوى حيلة والتفاف . والخلاصة أن عقد الإجارة المنتهية بالتمليك في صورته المنتشرة غير صحيح . ويجوز أن يبيع التاجر السلعة بسعر السوق عند نهاية عقد الإيجار ، أو يجعله عقد بيع ويرهن السلعة بالثمن ، أو يشترط البائع منع المشتري من التصرف فيها حتى ينهي أقساطها ، كما تفعل بعض البنوك الإسلامية ، فإنها تكتب على رخصة السيارة أنها مطلوبة بالأقساط ، فلا تسجل في نظام المرور بغير اسم مالكها حتى ينتهي من أقساطها ، ويعطيه البنك شهادة أنها أنهى أقساطها ، هذه حلول شرعية بديلة عن عقد الإجارة المنتهية بالتمليك والله اعلم .
*** المزارعة والمساقاة : المساقاة هي دفع شجر له ثمر مأكول إلى آخر ليقوم بسقيه وما يحتاج إليه بجزء معلوم من ثمره ، والمزارعة وهي دفع أرض وحب لمن يزرعه ويقوم عليه بجزء مشاع معلوم من الزرع ، كنصفه أو ثلثه . وقد أجاز الحنابلة المساقاة و المزارعة بجزء معلوم من الثمر ، واحتجوا بأن النبي صلى الله عليه وسلم عامل أهل خيبر بشطر ما يخرج منها ، رواه الجماعة ، وردوا على دليل الجمهور بأنهما عقدان محرمان إن كانت أجرة العامل جزء من الثمر ، والدليل هو ( نهى عن المخابرة ) وفي رواية ( نهى عن المزارعة ) رواه مسلم من حديث الثابت بن ضحاك . رد عليه الحنابلة : بأن المقصود هو النهي عن تحديد جزء من الأرض يكون ثمره للعامل ، فقد لا ينبت هذا الجزء المحدد ، وينبت غيره ، والدليل على هذا التفسير ، حديث رافع بن خديج قال : ( كنا أكثر الأنصار حقلا ، فكنا نكري الأرض على أن لنا هذه ، ولهم هذه ، فربما أخرجت هذه ولم تخرج هذه ، فنهانا عن ذلك ) متفق عليه والله اعلم . | |
|