ضمانات المساءلة التأديبية للموظف العام: دراسة مقارنة
الملخص
لقد عالجت في رسالتي هذه ضمانات المساءلة التأديبية للموظف العام ، حيث قمت بدراسة هذه الضمانات في ضوء كل من النظام التأديبي المصري والأردني والفلسطيني، وقد تناولت في الفصل الأول من هذه الدراسة الضمانات السابقة لتوقيع الجزاء التأديبي، حيث عرضت لمواجهة العامل بالمخالفات المنسوبة إليه، فتطرقت لمفهوم المواجهة، وكذلك الأساس القانوني المستندة إليهً. وقد درست مقتضيات المواجهة ، فعرضت لإعلام الموظف بالتهم المنسوبة إليه، وحقه بالإطلاع على الملف التأديبي، . كما تطرقت لضمانة الموظف بممارسة حق الدفاع، ووجدت أن هناك بعض الغموض والإختلاف في تعريف حق الدفاع، وعلاقته بالضمانات الأخرى، كما عرضت لمقتضيات ممارسة الدفاع، من حيث إمكانية الدفاع كتابةً ،أو شفاهة، وبحرية الدفاع، وحق الموظف بمناقشة الشهود والإستشهاد بهم، وحقه بالإستعانة بمحام . وقد عرضت للإختلاف الفقهي فيما يتعلق بعبء الإثبات، حيث وجدت أن البعض يلقي بهذا العبء على جهة الإدعاء، اتفاقاًَ مع قاعدة "أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته" المطبقة في المجال الجنائي ، فيما يرى البعض الآخر استناداً لقرينة صحة التصرفات الإدارية، أن مجرد اتهام الموظف من شأنه اعتبار الموظف مذنب ، ويقع عليه عبء إقامة دليل براءته . وبما أن مواجهة الموظف بالتهمة المسندة إليه، و منحه حق ممارسة الدفاع، لن يكون مجدياً ، ولا محققاً للغاية المستهدفة منه، إلا إذا توافرت ضمانة الحيدة وعدم الإنحياز، لذلك فقد قمت بالتطرق لتعريف الحيدة، فوجدت أن البعض من الفقه يضيق من نطاقها فيقصرها على عدم الجمع بين سلطة التحقيق والحكم، فيما يعتبرها البعض الآخر امتداداً لحقوق الدفاع. وقد قمت بدراسة هذه الضمانة في مرحلة التحقيق وكذلك في مرحلة توقيع الجزاء، وقد خلصت الى أن ضمانة الحيدة تجد تطبيقاً كاملاً في نظام التأديبي القضائي، فيما تتحقق بشكل أضعف في نظام التأديب شبه القضائي، ويكاد يتعذر إعمالها في التأديب الرئاسي. وقد عرضت لوسائل كفالة ضمانة الحيدة ،فتطرقت لأسباب الرد والتنحي وعدم الصلاحية، كما عرضت لأحكام الرد وعدم الصلاحية ،وقد وجدت أن الفرق بين أسباب عدم الصلاحية وأسباب الرد ، يكمن في أن قيام الأول مبطل للحكم أو القرار ولو اتفق الخصوم على ارتضاءه، لتعلق الأمر بالنظام العام، بينما يجوز للخصوم السكوت عن طلب الرد أو النزول عنه بعد تقديمه، وبذلك يصير الحكم الذي صدر رغم توافرها صحيحاً.
وقد خصصت الفصل ألثاني لضمانات المساءلة التأديبية المتصلة بضوابط الجزاء التأديبي، فعرضت لمبدأ المشروعية، وقد تبين لي أن تطبيق هذا المبدأ في المجال التأديبي ، تطبيق قاصر حيث يشمل شرعية العقوبة ولا يشمل شرعية المخالفة ، كما أنه لا يوجد قوائم جزاءات تربط بين المخالفة وما يقابلها من جزاء، حيث أن ذلك متروك للسلطة التأديبية المختصة، وقد عرضت لمقتضيات الإلتزام بمبدأ الشرعية وهي الإلتزام بالحدود المقررة قانوناً للجزاء، وتفسير النصوص العقابية تفسيراً ضيقاً ، وعدم جواز اللجوء للعقاب المقنع .ثم تطرقت لمبدأ شخصية الجزاء التأديبي، حيث تبين بأن هذا المبدأ لا يجيز معاقبة الموظف إلا إذا ارتكب مخالفة أو ساهم بها ، وإلا كان قرار الجزاء فاقداً لركن أساسي من أركانه وهو ركن السبب. وبعد ذلك قمت بدراسة مبدأ وحدة الجزاء التأديبي، والقاضي بعدم جواز عقاب الموظف بأكثر من جزاء تأديبي أصلي على ارتكابه مخالفة واحدة، وعرضت لشروط قيام هذا التعدد، ومن الضمانات الهامة التي عنيت بها في هذه الدراسة، مبدأ التناسب بين المخالفة والجزاء التأديبي، وقد تبينت أن القضاء الإداري يعترف كمبدأ عام للسلطات التأديبية المختصة بحرية تقدير الجزاء المناسب للمخالفة المرتكبة، شريطة أن لا يشوب هذا التقدير "غلو"، وقد عرضت للإختلاف الفقهي حول رقابة القضاء للتناسب، وقد خلصت لتأييد هذه الرقابة على قرارات السلطات التأديبية الإدارية، دون القضائية. ثم عرضت لمبدأ المساواة في العقوبة، وقد وجدت أن تطبيق هذا المبدأ يتعارض مع ما درجت عليه التشريعات من إفراد قوائم جزاءات خاصة لبعض أصناف الموظفين من المستويات العليا، كذلك فقد عرضت لمبدأ تسبيب الجزاء التأديبي ، فبينت أهميته، ومكانته في التشريع المقارن، وحكم هذا التسبيب في حال عدم وجود نص،كما قمت بدراسة عناصر التسبيب والتي حصرتها بالوقائع التي تستوجب الجزاء والأساس القانوني للتجريم والرد على ما يبديه الموظف من أوجه دفاع، وقد عرضت لشروط صحة التسبيب ، والتي تقتضي أن يرد التسبيب في صلب القرار ،وأن يكون التسبيب سائغاً ومتناسقاً وواضحاً.
أما الفصل الثالث فقد خصصته لدراسة الطعن القضائي على القرار التأديبي، وقد عرضت للجهة المختصة بنظر الطعن في مصر والأردن وفلسطين، وقد تبين لي أن القرار التأديبي في مصر قد يصدر عن الجهات الإدارية ، بالإضافة للجهات القضائية ، لذلك فقد فرقت بين الجهة المختصة بالنظر في الطعن على القرار التأديبي حسب الجهة المصدرة للقرار، كما انتقدت ما يعانيه القضاء الإداري الفلسطيني من أحادية درجة التقاضي، وعدم كفاية محكمة واحدة للنظر بكافة القضايا الإدارية، كما تطرقت لشرطي المصلحة والمواعيد، حيث بينت المقصود بالمصلحة، وموقف الفقه والقضاء من وجوب قيامها ، ومعايير تحديدها، كما قمت بدراسة مواعيد رفع الطعن على القرار التأديبي ، الإداري والقضائي، كما عرضت لحكم التظلم قبل رفع الطعن، وأسباب الطعن، حيث وجدت أن القرار التأديبي باعتباره قرار إداري يقوم على خمسة أركان(الاختصاص ،الشكل ، السبب، المحل ، الغرض)، ولذلك فقد حصرت أسباب الطعن بأوجه عدم المشروعية التي تصيب القرار الإداري بأحد أركانه، أما أسباب الطعن بالحكم التأديبي فقد قمت بدراستها وفقاً لما هو منصوص عليه في قانون مجلس الدولة المصري، كما تطرقت للأثر المترتب على إلغاء القرار التأديبي، حيث تبين أن حكم الإلغاء من شأنه إعدام القرار التأديبي وبأثر رجعي من تاريخ صدوره، وأن لحكم الإلغاء حجية عينية مطلقة بالنسبة للكافة، إلا أنه لا يمنع بكل الأحوال السلطات التأديبية من إعادة مسائلة الموظف تأديبياً، وأن ذلك يتحدد وفقاً لسبب الإلغاء.
حمل الملف الكامل
من هنا...
http://www.najah.edu/modules_insertion/graduates/graduates.php?hint=2&id=550&l=ar